ألقى مقتل الرهينة الأمريكي محتجز لدى حماس، عيدان ألكسندر، والذي يُقال إنه ناجم عن غارة جوية إسرائيلية، بظلال قاتمة على المشهد المتوتر أصلاً في غزة، ويُدخل هذا الوضع مستوى جديدًا من التعقيد الدولي للصراع، لا سيما مع عودة الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة إلى منصبه، في وقت بدأت فيه مفاوضات وقف إطلاق النار تتقدم ببطء تحت ضغط من الأطراف الإقليمية والقوى العالمية.
وبينما تُصرّ إسرائيل على أن حملتها العسكرية لا تزال تُركز على تفكيك البنية التحتية القيادية لحماس وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن، فإن الوفاة غير المقصودة لمواطن أمريكي تُحدث آثارًا قانونية ودبلوماسية واستراتيجية مُتتالية قد تؤثر على مساري المسارين العسكري والتفاوضي.
مفاوضات وقف إطلاق النار..هل تأخرت أم خرجت عن مسارها؟
وعلقت على ذلك محامية الأمن القومي الأمريكي، إيرينا تسوكرمان، قائلة: ساد في الأيام الأخيرة شعورٌ حذرٌ بزخمٍ مُتزايد - مدفوعٌ جزئيًا بالوساطة المصرية، والضغط القطري، والتدخل الهادئ من قِبَل قنوات الاستخبارات الأمريكية، للتوصل إلى وقف إطلاق نار تدريجي مقابل إطلاق سراح الرهائن، إلا أن هذه الحادثة تُغيّر النبرة.
وأوضحت إيرينا تسوكرما محامية الأمن القومي الأمريكي، في تصريحات خاصة لـ “مصر تايمز”، أنه بالنسبة لإدارة ترامب، يُفرض فقدان مواطن أمريكي، حتى ولو عن غير قصد من قِبَل حليفٍ مُقرّب، ضرورةً سياسيةً ملحةً: المطالبة بمساءلةٍ أكبر من كلا الجانبين، مع إعادة تقييم جدوى آليات التفاوض الحالية.
قد يُسفر هذا عن تأثيرٍ مُتناقض، فمن جهة، قد يُشكّل مشهدُ وفاة رهينةٍ خلال حملة إنقاذٍ إسرائيلية ضغطًا جديدًا على إسرائيل لتخفيف وتيرة ضرباتها، والانخراط بجديةٍ أكبر في اتفاقٍ لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن، ومن جهةٍ أخرى، يُعطي هذا أيضًا المتشددين في مجلس الوزراء الإسرائيلي ذخيرةً جديدةً للقول بأنه لا يُمكن التفاوض مع حماس بحسن نية، لأن استمرار احتجاز الرهائن لا يُؤدي إلا إلى زيادة المخاطر على حياتهم، وعلاوة على ذلك، قد يرى البعض في حكومة نتنياهو أن هذا الحادث يشكل سبباً لتسريع الحملة العسكرية بدلاً من إبطائها ــ بحجة أن كل يوم إضافي تحت أسر حماس يزيد من فرص مقتل المزيد من الأجانب.
تُعقّد هذه المأساة أيضًا دور قطر، فبعد أن أصبحت قطر تحت المجهر بسبب علاقاتها بحماس، وتواجه دعوات متزايدة - لا سيما الولايات المتحدة و دول الخليج - للحد من تسهيلها لدبلوماسية حماس، تجد نفسها الآن في موقف وسيط فاقد للمصداقية.
واختتمت: “باختصار، من غير المرجح أن يُوقف مقتل الرهينة الأمريكي المفاوضات تمامًا، ولكنه يُغيّر من لهجتها وإلحاحها، لا يزال هناك مجال للتوصل إلى اتفاق، لا سيما مع تزايد الضغوط على حماس من سكان غزة المدنيين والقوى الإقليمية، لكن الثقة تتضاءل، كلما ازدادت النظرة إلى هذه المحادثات على أنها فخ أو تكتيك للمماطلة، زاد احتمال استئناف الصراع بكامل قوته، الوقت يمرّ، ليس فقط على مصير الرهائن المتبقين، بل على المصداقية الدبلوماسية لجميع الأطراف المعنية”.
0 تعليق