أكّد الباحث في تاريخ الجزيرة العربية وآثارها الدكتور أحمد بن سعيد قشاش أن إطلاق وزارة الثقافة مؤخراً للخط الأول والخط السعودي اللذين يُعبّران عن الهوية الثقافية للمملكة أمرٌ في غاية الأهمية، حيث إنهما يبعثان روح التراث الخطي العربي، ويمتازان بالبعد الوطني، كون أرض المملكة هي الحاضنة التاريخية لهما، مشيراً إلى أن كلّاً منهما يعضد الآخر ويقدم رسالة فنية وهوية ثقافية مميزة..

ما الفرق بين الخط الأول والخط السعودي؟
الخط الأول هو خط يستند إلى النقوش والمصاحف يركز على استلهام الجماليات الكلاسيكية للخط العربي، لكنه يقدمها بصيغة عصرية مرنة، تدمج بين الفنون التشكيلية والتقنية البصرية، وتفتح آفاقاً جديدة في التصميم المعاصر. أما الخط السعودي فهو محكوم بمعايير فنية مستمدة من الخط الأول، ويهدف إلى إحياء روح الخط العربي في نسخته النقية والبسيطة، التي نشأت في بيئة الجزيرة العربية.

كيف ترى مساهمتهما في إحياء روح الخط العربي القديم المستلهم من النقوش والمصاحف؟
كلا الخطين يُسهم في بعث روح التراث الخطي العربي، ويبرز العناصر الجمالية المعاصرة للخطوط العربية، ويمنحها حضوراً في الفن والهوية البصرية الحديثة، ويعزز الارتباط بأصول الخط العربي، ويعيد الاعتبار للأنماط المبكرة التي نشأت في النقوش والمصاحف.

إلى أي مدى تؤمن بحظوظهما في الانتشار، ولا سيما في هذا العصر الرقمي؟
في ظل تزايد الاهتمام بالهوية الثقافية في العالم العربي، أرى أن حظوظهما كبيرة جداً، وخاصة إذا تم دمجهما في المنصات الرقمية، والتطبيقات الحكومية والتعليمية، ودعمهما عبر حملات ترويجية تستهدف الجيل الشاب بلغته ورؤيته، والعصر الرقمي لا يهدد الخط العربي، بل يفتح له آفاقاً جديدة، إذا أُحسِن استثمارها.

ما الذي يميز الخطين عن بقية المدارس الخطية؟ وهل يمكن اعتبارهما امتداداً لأيٍّ منها؟
يمتاز الخطان عن بقية المدارس الخطية بالبعد الوطني، فهما يستلهمان من خصائص الخطوط النابعة من الجزيرة العربية، بخلاف المدارس الأخرى التي ارتبطت بعواصم لاحقة كالكوفة، وبغداد، والقاهرة، والأندلس. وكذلك يمتازان بالبساطة والوضوح، وبخاصة الخط الأول، الذي يعكس روح الكتابات المبكرة من حيث التجريد والوظيفة من دون زخرفة زائدة، ومن هنا يمكن القول: إن الخط الأول يستلهم من أكثر من مدرسة، بينما الخط السعودي يعد استلهاماً من الخط الأول.

ما أبرز السمات الجمالية التي تراها في الخطين؟
أبرز سمات الخط الأول المرونة، والتكوين الفني، والقدرة على الاندماج في المشهد البصري المعاصر. أما الخط السعودي فيَبرُز فيه الصفاء، والتوازن، والبساطة، مع لمسة رقمية حديثة، وكلا الخطين يحمل رسالة فنية وهوية ثقافية، وإذا استُثمرا جيداً، فسيكون لهما دور كبير في تعزيز حضور الخط العربي في حياتنا اليومية.