بلد نيوز

هلا بالخيال - بلد نيوز

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هلا بالخيال - بلد نيوز, اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025 01:33 صباحاً

الحياة في تعقيداتها وتفاصيلها، وتزاحم مواعيدها وأعمالها، مثل أحجية غرفة الهروب، والخيال هو الخريطة التي تساعدك في حل ألغازها، وهو النافذة الواسعة التي ترى من خلالها المستقبل الذي تتمناه، وشكل الحياة التي ترغب عيشها، فتعيش مع الخيال بين تودد إليه، وتردد عليه، بلا إفراط ولا تفريط، وتستخدمه استخدام الطباخ الماهر للملح، حتى يؤتي ثمره، فإذا امتلأ العقل خيالا موجها، انسكبت في القلب طمأنينة الوضوح، وسكينة التنظيم.

والحال كذلك في أمور العبادة، عندما يتخيل العبد الجنة ونعيمها، والنار وعذابها، يكون ذلك دافعا له على الجد والاجتهاد، وطلب العون والتوفيق والسداد، من رب العباد، فإذا ما تقاعس أو تخاذل، حركته تلك الصور في خياله ترغيبا وترهيبا، ليكون سلوكه العبادي متسقا مع تعلق قلبه بمرضاة الله عز وجل ونعيم الجنة، وخوفه من النار وعذابها.

حضرت الجنة في خيال (ابن الجوزي)، فقال في كتابه (صيد الخاطر) "والله، إني لأتخايل دخول الجنة، ودوام الإقامة فيها، من غير مرض ولا نوم، ولا آفة تطرأ! بل صحة دائمة، وأغراض متصلة، لا يعتورها منغص، في نعيم متجدد في كل لحظة، إلى زيادة لا تتناهى، فأطيش، ويكاد الطبع يضيق عن تصديق ذلك، لولا أن الشرع قد ضمنه".

الخيال حجر الأساس في بناء الإبداع الفني والأدبي، ومنصة رائعة لإطلاق صواريخ الابتكار في العلوم والتكنولوجيا، ومؤثر جدا في كسر الأرقام القياسية الرياضية، وبلوغ الأهداف شبه المستحيلة.

يقول البطل الأولمبي صاحب الميدالية الذهبية (بيتر فيدمار) عن استخدامه للخيال في سعيه للنجاح "لكي نحافظ على تركيزنا على هدفنا الأولمبي، بدأنا إنهاء جلسات التدريب بجلسة تخيل لأحلامنا، تخيلنا أنفسنا ننافس فعليا في الأولمبياد، ونحقق حلمنا عن طريق ممارسة ما كنا نعتقد أنه سيكون السيناريو النهائي، لقد خططت لتلك اللحظة وتخيلتها مئات المرات".

واسع الخيال، وسيع الصدر، واسع الوقت، خياله يشغل أوقاته البينية، ويشحن طاقته باستمرار، ويختصر عليه جهده، يختبر الفكرة ويطورها، يفتتح المشروع وينميه، يعيد تقييم الواقع بتكبير إيجابياته وإبرازها، وتقزيم سلبياته ونسيانها.

والمرء إن أشقاه واقع شؤمه

بالغبن أسعده الخيال المنعم

لولا الخيال لأصبح العقل مقبرة للأحلام المدفونة، والآمال الموؤودة، وأمسى القلب رهين العجز، سجين التردد، لا معارك ينتصر بها، ولا خصوم يقصيها، ولا ظروف يقهرها، ولا مشاريع يبنيها، فالخيال والإبداع جديلتان في ضفيرة، والفرق شاسع، والبون واسع، بين خيال موجه، وخيال مشوه، فالأول يخدم أهدافك، ويرتب أفكارك، ويحسن مزاجك، والثاني عبثي فوضوي ضار، فوجه خيالك إلى تبني قضية هامة نافعة، وتمني أهداف ذكية رائعة.

وأنّي إذا باشرتُ أمرًا أريدُه

تدانتْ أقاصيهِ وهانَ أَشَدُّه

أخبار متعلقة :