«ميا كولبا» عرض يستنطق الجسد ويُحاكم الأسطورة - بلد نيوز

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«ميا كولبا» عرض يستنطق الجسد ويُحاكم الأسطورة - بلد نيوز, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 06:58 مساءً

من بوركينا فاسو، خرج العرض المسرحي «ميا كولبا» ليكشف في مهرجان الفجيرة للمونودراما ذاكرة القارة الجريحة. العرض تجربة مونودرامية يقف فيها الفنان تشارلز نومويندي تيندريبيوغو وحيداً، مؤلفاً ومخرجاً و ممثلاً، ليحوّل الخشبة إلى طقس بصري وروحي، تُستعاد فيه الأسطورة، ويُحاكم التاريخ.
ينفتح العرض بمشهد رمزي: قصاصات من ورق ملوّن تتساقط من يدي الممثل أمام تمثال صغير، في محاولة طقسية لاسترضاء قوة خفية. هذا المشهد يؤسّس لروح العرض، حيث تشابك الجسد والمادة والعقيدة الشعبية في فضاء خالٍ إلا من ثلاثة إطارات مطاطية وصندوقي خشب.
اعتمد الممثل على جسد مسكون بالرعب والأسطورة وحضوره الطاغي وبنيته كأداة سرد أساسية، خاصة في لحظات الرعب حين تلبّسته «فوبيا» من شبح متخيَّل، حاول طرده بتمثاله الصغير، وكأن الجسد هنا يُعيد تمثيل الطقوس البدائية، لا ليؤديها فقط، بل ليُصارعها. الدولاب المستخدم تحوّل إلى أداة متعددة المهام، استخدمها الممثل بإبداع لتأدية أدوار مرنة وغرائبية.
أقنعة تسخر من السلطة وتحاكي الغابة وبطلة في العرض حين حوّلت جسد نومويندي إلى كائنات متعددة: من حمار إلى قرد إلى جاموس، في خطاب مباشر إلى «Mr. President»، وكأن العرض يسخر من البنية السلطوية التي جعلت من الحيوان رمزاً للإنسان المسلوب. هذه التحولات الجسدية والبصرية جاءت مشحونة بالإيماءات الناقدة، محمّلة بإرث إفريقي لا يزال يعيش في الظلال.
تميز العرض بجمال بصري مدهش، فالإضاءة كانت شريكاً صامتاً في السرد، وتماهت مع الفضاء البسيط لتمنحه عمقاً أسطورياً. واستُخدمت عناصر الإطار والخشب والإضاءة بانضباط بصري شديد، يعكس وعياً سينوغرافياً عميقاً.
اعتمد نومويندي على الارتجال واستخدام أسماء حقيقية من الجمهور، في محاولة لتكسير الحاجز وخلق مسرح مباشر وحيّ وبينما كانت الفرنسية حتى 2023 هي اللغة الرسمية لبوركينا فاسو، فإن العرض تجاوز الحواجز اللغوية معتمداً على اللغة الجسدية والإيقاع الحركي، ليُوصل رسالته ببلاغة كونية وجمل إنجليزية بسيطة.
يُختَتم العرض بنداء مباشر: «اهرب من الموت، الموت قادم»، تليه صرخة موجعة: «هذا يكفي... دعوني وحيداً». إنها لحظة اعتراف لا تخلو من الهزيمة، لكنها في الوقت ذاته تحاول تحرير الإنسان من كل ما يسكنه من خرافات وأساطير، حتى تلك التي دفنها منذ زمن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق