نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ثلاثة أيام فقط.. رحلة لا تُنسى في قلب الأردن - بلد نيوز, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 10:58 صباحاً
كشفت هيئة تنشيط السياحة الأردنية عن حملة ترويجية جديدة تهدف إلى إبراز جاذبية الرحلات القصيرة داخل المملكة، وتدعو الزوار لخوض تجارب فريدة تجمع بين عبق التاريخ وسحر الطبيعة، حتى في إطار الزيارات السريعة.
وتقدّم الحملة نموذجاً أولياً لرحلة تمتد لثلاثة أيام فقط، وتكشف للزائر كيف يمكنه الاستمتاع في ربوع الأردن، من المعالم الأثرية العريقة إلى الواحات الطبيعية الخلابة.
وستواصل الحملة تقديم مسارات سفر مختارة بعناية، تُبرز كيف يستطيع الأردن أن يأسر القلوب بطرق شتى، سواء للباحثين عن عمق ثقافي، أو الشغوفين باستكشاف التاريخ، أو عشاق الطبيعة وسكونها الآسر.
ورغم أن زيارة بلد زاخر بالكنوز التاريخية كالأردن قد تبدو رحلة مكثفة في غضون ثلاثة أيام فقط، فإن المملكة ترحّب بزائريها بتجارب استثنائية تبقى عالقة في الذاكرة، حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع.
والسر هنا يكمن في اختيار الأماكن بعناية، ومعرفة التوقيت المثالي، واتباع الأسلوب الأمثل في استكشاف معالم الأردن. وحين تجتمع هذه العناصر الثلاثة، يمكن أن تتحول رحلة قصيرة إلى تجربة لا تُنسى. بهذا التخطيط المدروس، تصبح ثلاثة أيام كافية لخوض مغامرة حالمة ومليئة بلحظات ثرية تُسعد أي زائر من أي مكان في العالم.
اليوم الأول
يمرّ بعض الزوار سريعاً عبر عمّان في طريقهم إلى الجنوب، ويفوتهم أن العاصمة الأردنية تخفي بين أزقتها وتلالها كنوزاً تستحق التوقف. عند الصعود إلى القلعة، الواقعة على أعلى تلة في المدينة، ينكشف مشهد بانورامي يأسر الأنفاس، ويفتح بوابة إلى الماضي. هنا، تتعاقب صفحات التاريخ من العصور الرومانية والبيزنطية إلى الدولة الأموية، فتروي الحجارة قصة حضارات عظيمة ساهمت في رسم ملامح العالم كما نعرفه اليوم.
وفي فترة ما بعد الظهيرة، تتحول شوارع «وسط البلد» إلى مسرح من المفاجآت عند كل زاوية. هنا، تنتشر محامص القهوة التقليدية، تعطر الأجواء بروائح الزمن الجميل، وتستقر داخل مبانٍ قديمة تنطق بالأصالة. وعلى الأرصفة، يُعدّ الباعة المتجولون الفلافل بنكهات شعبية خالصة وروح مليئة بالكرم. وفي قلب هذا المشهد، تتألق المعارض الفنية التي تفتح نوافذ على الإبداع العربي المعاصر وتمنح الزائر لمحة حية عن نبض المشهد الثقافي. أما شارع الرينبو، فهو رحلة مصغّرة عبر الزمن، حيث تصطف الفيلات التاريخية التي يزيد عمرها على قرن، وتحتضن مطاعم تقدّم أشهى المأكولات الشامية. هكذا، تجمع عمّان بين سحر الماضي وبهجة الحاضر، وتقدّم للزائر تجربة تُلامس الشغف وتوقظ الحواس.
اليوم الثاني
لا شيء يمكن أن يهيئك تماماً لما ينتظرك في البتراء، عاصمة مملكة الأنباط في القرن الثاني قبل الميلاد، من لحظات تتجاوز الواقع، وتلامس الروح بجمالها الغامض. مع أول خيوط الفجر، وأنت تقف عند مدخل السيق، تبدأ الصخور الوردية بالتوهج بصمت، وتغمر التعرجات الصخرية القديمة بضوء خافت يكشف عن مشهد يخطف الأنفاس. هناك، حيث يلتقي السكون بالعظمة، تبدأ الرحلة الحقيقية.
تبدأ روعة الرحلة قبل الوصول إلى البتراء نفسها، إذ يتبدّل المشهد تدريجياً من صخب المدن إلى سكون الصحراء وعمق التاريخ، في تحوّل بصري ووجداني لا يستغرق سوى ساعات معدودة. الوصول في وقت مبكر هو الخيار الأمثل، إذ ترسم أشعة الصباح الأولى لوحات مذهلة من الظلال والضوء على الصخور الوردية، فتُبرز ملامحها الأخاذة بكل تفاصيلها. وبعد المرور بمنطقة الخزنة الشهيرة، يكشف الموقع الأثري عن عالم من الكنوز المخفية: مقابر منحوتة في قلب الجبال، ومناظر طبيعية آسرة تمنح الزائر لحظات تأمل عميقة لا تُنسى.
وفي قرية أم صيحون القريبة، يمكنك التوقف لتناول وجبة غداء محلية تُعدها العائلات الأردنية بحفاوة وكرم أصيل، حيث يُقدَّم المنسف في أجواء دافئة تعكس بساطة المكان وثراء الروح. وبعد الغداء، خصّص ما تبقى من اليوم لزيارة الدير، أكبر معالم البتراء وأكثرها هيبة، واستمتع بإطلالات بانورامية تخطف الأنفاس، وإحساس عميق بأنك تكتشف شيئاً يتجاوز حدود الصور وكتيّبات السفر: تجربة تحفر أثرها في القلب.
اليوم الثالث
في اليوم الثالث، يتبدّل المشهد مرة أخرى في رحلة تنقلك من صحراء الجنوب إلى خُضرة الشمال. تبدأ المغامرة في جرش، المدينة التي تجمع بين الآثار الرومانية وروح الشرق، وتُحيطها طبيعة غنّاء تُضفي تبايناً بصرياً ساحراً مع أطلالها ذات اللون العسلي. عش لحظة من الدهشة وأنت تمشي في الشارع المُعمد، ذلك الطريق الحجري الذي شهد مرور المسافرين لأكثر من ألفي عام. وإن صادف وجودك في الصيف، فأنت أمام فرصة لا تُفوّت لحضور مهرجان جرش، حيث تتألق المدينة بالعروض الموسيقية، والرقصات الفولكلورية، والمسرحيات التي تحتفي بتراث المنطقة وثقافتها المتجددة.
ومع انتصاف النهار، تأخذك الرحلة شمالاً نحو عجلون، حيث تتبدّل الطبيعة إلى غابات زيتون وتلال خضراء مورقة، لتمنحك لحظات من الصفاء في أحضان الطبيعة النقية. وهناك، على إحدى القمم، يعلو حصن عجلون التاريخي من القرن الثاني عشر، شامخاً في موقعه، ويوفّر إطلالات بانورامية آسرة تمتد على الأفق الأخضر الرحب. وفي الجوار، تنتظرك محمية غابات عجلون، حيث يمكنك التنزّه على درب «بيت الصابون» بين عبق أشجار البطم والفراولة البرية، والتنفس بهدوء في أحضان الغابة. وفي قرية عرجان القريبة، تستقبلك البيوت الريفية بحفاوة، لتشهد كيف تصنع النساء صابون الزيتون يدوياً، وفق طرق تقليدية توارثنها عبر الأجيال.
قد تبدو ثلاثة أيام في الأردن قصيرة، لكنها تترك أثراً لا يُمحى في القلب والذاكرة، فهي ليست مجرّد رحلة، بل بداية حكاية، دعوة مفتوحة للعودة من جديد، مرة تلو الأخرى، لأن في كل زيارة يتكشف سرّ جديد، وتظهر عجائب كانت تنتظر من يكتشفها بين طيات التاريخ وروح المكان.
0 تعليق