بلد نيوز

مناورات غير مسبوقة وأسلحة في الطريق.. لماذا يثير التعاون العسكري المصري-الصيني قلق تل أبيب؟ - بلد نيوز

تثير المناورات العسكرية المشتركة لسلاحي الجو المصري والصيني قلق المسؤولين في إسرائيل، وزاد من هذا التوجس الإسرائيلي استعداد بكين لتزويد القاهرة بطائرات مقاتلة كفيلة بمنحها تقدماً عسكرياً، وإن كان لن يكسر تفوق سلاح الجو الإسرائيلي، لكنه قد يُقرّب سلاح الجو المصري من المستويات القتالية لنظيره الإسرائيلي.

فقد كان لافتاً حجم التغطية الإعلامية والتحليلات الإسرائيلية للمناورات "غير المسبوقة"، المُسمّاة "نسور الحضارة 2025″، التي بدأت في النصف الثاني من أبريل/نيسان وتستمر إلى غاية الأول من مايو/أيار 2025، في قاعدة وادي أبو الريش الجوية قرب ساحل البحر الأحمر، على بعد 100 كيلومتر غرب خليج السويس.

وشكلت مزاعم اقتراب طائرات سلاح الجو المصري ونظيره الصيني من أجواء إسرائيل مادة دسمة للإعلام الإسرائيلي، الذي اعتبرها "خطوة مثيرة للقلق، وإشارة جيو-استراتيجية بحاجة للتوقف مطولاً"، وفق المفردات السائدة في الخطاب الإسرائيلي على مستوى وسائل الإعلام المحلي.

خطوة مثيرة للقلق تستدعي التحرك

لم تتوانَ العديد من المنصات القريبة من دوائر صنع القرار في تل أبيب عن بث تقارير تحذيرية وتحريضية عن هذه المناورات، ومحاولة استغلال التوتر الأمريكي الصيني الحالي للضغط على مصر لوقف أي صفقات أسلحة من بكين.

ويأتي ذلك في ضوء التسريبات الإسرائيلية المتسارعة في الأيام الأخيرة عن مفاوضات مشتركة بشأن طلب مصر حيازة العديد من المقاتلات الشبحية المتقدمة من الجيل الخامس، مما قد يُقرّبها من التفوق الإسرائيلي الجوي، ويقلب موازين القوى الجوية في المنطقة، التي تشهد تصاعداً متلاحقاً من التوترات الإقليمية.

وبصورة لافتة، تداولت عشرات المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية مقاطع فيديو تُظهر هذه المناورات، بمشاركة قوات جوية متطورة من مختلف الأنواع، وقيامها بطلعات هجومية، مما دفع المعلّقين إلى إبداء القلق من "الجارة الجنوبية"، رغم أن آخر مواجهة بينهما حصلت قبل 52 عاماً.

صحيح أنهما وقّعتا اتفاق السلام، لكنه أفقد إسرائيل عمق شبه جزيرة سيناء، مما دفع المصريين مؤخراً إلى نقل دباباتهم إليها، على الجانب الشرقي من قناة السويس، وبناء مستودعات وممرات سرية لنقل المعدات القتالية نحو الحدود مع إسرائيل.

وربط الإسرائيليون إجراء المناورات بمشاركة عدد كبير من الطائرات المتطورة، مع قلقهم المتزايد بسبب الحشد العسكري المصري في سيناء، وما تشهده علاقاتهما من توتر متصاعد، تكمن أحد أسبابه في تخوف مصر من خطوة إسرائيلية "مجنونة" تتمثل في قصف الحدود بين غزة وسيناء للدفع بمئات آلاف الفلسطينيين إلى هناك.

وهو سيناريو ألمح إليه بعض المقربين من حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مما دفع مصر إلى نشر أعداد كبيرة من قواتها المسلحة في شبه جزيرة سيناء.

توقيت المناورات والتوترات بالمنطقة

لم تتعامل الدوائر الإسرائيلية مع توقيت المناورات بصورة عفوية، بل ربطتها بمؤشرات "مقلقة" متزامنة، منها:

إعادة رسم خرائط المنطقة في ضوء نتائج العدوان على غزة، وسقوط النظام السوري، وتراجع المحور الإيراني، مقابل ظهور المحور التركي، وإمكانية جذب عدد من الدول العربية إليه، ومنها مصر، التي تحسنت علاقتها كثيراً مع أنقرة، مما قد يدفعهما لإعادة رسم خارطة تحالفاتهما في المنطقة بعكس المصالح الإسرائيلية والأمريكية.

مصر دولة عربية إسلامية كبيرة، صحيح أنها وقّعت رسمياً اتفاقية سلام مع إسرائيل، لكنه "سلام بارد"، وتُعد معاداتها ومظاهر كراهيتها والتحريض عليها عبر شاشات التلفزيون والشوارع من أعلى المعدلات في العالم.

الرد المصري على انتهاك إسرائيل لاتفاقية كامب ديفيد، بإدخال المزيد من قواتها المسلحة إلى سيناء، وبناء وتسليح عسكري، وتعريف إسرائيل بـ"العدو التقليدي للجيش المصري".

تمتلك مصر جيشاً تقليدياً ضخماً: جواً وبراً وبحراً، خضع للعديد من التحسينات، بما فيها البنية التحتية، وعشرات المعابر والأنفاق والجسور الجديدة فوق وتحت قناة السويس، واحتياطيات ضخمة من الوقود والذخيرة والأسلحة المضادة للطائرات والمركبات المدرعة وقطع الغيار والمطارات والموانئ البحرية والمقرات المحصنة والمخابئ العديدة.

في الوقت ذاته، توقفت تقارير إسرائيلية عند النطاق الجغرافي لهذه المناورات، بزعم أنها جرت في مناطق قريبة من حدودها الجنوبية، وحرصت على بث مقاطع منها تُظهر أجواءها مكشوفة بالكامل للطيران المصري، بصورة أثارت قلقها، وأعادت إلى أذهانها مشاهد حروب سابقة بينهما.

وقد اعتبرت المحافل الإسرائيلية أن أهمية المناورات تنبع من كون مصر قوة إقليمية تسيطر على قناة السويس، الشريان البحري الذي يمر عبره 12% من البضائع العالمية، فيما تراها الصين، ثالث أكبر قوة جوية في العالم، جزءاً من ترسيخ نفوذها الاقتصادي والعسكري على طول طرق التجارة الرئيسية.

كما أنها توجد في قلب منطقة تستحوذ على اهتمام السياسة العالمية، وتسعى إلى توسيع دورها العسكري فيها، و"مزاحمة" سيطرة الولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية عليها.

هكذا يستفيد سلاح الجو المصري من الخبرات الصينية

في الوقت ذاته، أبدت وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث والمواقع العسكرية المتخصصة في إسرائيل اهتماماً لافتاً بمحتوى المناورات التي تُجرى لأول مرة في التاريخ، وطبيعة الطائرات الصينية المشاركة بهذه التدريبات، ومنها مقاتلة J-10C، وطائرة التزود بالوقود جواً YU-20، وطائرة الإنذار المبكر KJ-500، إضافةً إلى عشرات الطائرات الأخرى، التي تُعد "دُرّة تاج" سلاح الجو الصيني.

صحيح أن هذه المناورات تهدف إلى تحسين علاقات بكين والقاهرة، لكن الأخيرة لا تُخفي حاجتها إلى تحديث قدراتها ومعدّاتها القتالية، القديمة نسبياً، خاصةً فيما يتعلق بسلاحها الجوي، مما دفعها مؤخراً إلى القيام بعملية تسليح مكثفة.

وتشمل العملية شراء أسلحة متطورة، وتطوير البنية التحتية العسكرية، وتوسيع نطاق تدريب القوات والمناورات، مع أن هذه المناورات تأتي ضمن خطة التدريبات السنوية المشتركة والأنشطة التدريبية لسلاحها الجوي، الذي أجرى في 2024، 58 نشاطاً تدريبياً مشتركاً، 48 داخل مصر، و10 خارجها.

طائرات تابعة لسلاح الجو المصري

ترى إسرائيل أن مصر تكتسب العديد من الفوائد من هذه المناورات، أهمها:

  • رفع مستوى كفاءة جنودها ومعدّاتها، وتحسين جاهزية الطيارين لمجموعة متنوعة من سيناريوهات القتال، في العمق الإفريقي، أو حوض نهر النيل، وربما في سيناء على الحدود مع إسرائيل.
  • توحيد مفاهيم الحرب بين الجانبين من خلال سلسلة من المحاضرات النظرية والعملية، حيث تشمل المناورات التخطيط المشترك للمهمات القتالية، والتدريب النظري والعملي، كجزء من جهد أوسع لتعميق العلاقات الدفاعية الثنائية، بعد أن أجريتا سابقاً مناورات بحرية.
  • إجراء تدريبات مع مقاتلات لا تنتمي للمدرسة العسكرية الغربية التي اعتاد عليها الجيش المصري.
  • تطوير مهارات إعادة الإمداد والتموين، والقدرة على المناورة، والإقلاع والهبوط في أقصر مدى وممر، واستخدام أنظمة الرصد والحرب الإلكترونية، وكفاءة التسليح الذكي.

ورصدت الأوساط العسكرية الإسرائيلية أن بكين أرسلت إلى القاهرة، عشية بدء المناورات، قوة جوية كبيرة تضم طائرات مقاتلة من طراز J-10C وJ-10S، وطائرة إنذار مبكر من طراز KJ-500، وهو نظام قيادة وتحكم جو-جو متطور، وهي المرة الأولى التي تنتشر فيها إلى هذا الحدّ غرباً، وطائرة تزويد بالوقود جواً من طراز YY-20A، تُسمى "كونفينج"، نسبة إلى مخلوق أسطوري في الثقافة الصينية، وطائرة نقل من طراز Y-20 مُحمّلة بالمعدّات والقوات.

فيما يشارك سلاح الجو المصري بمقاتلات روسية ميغ 29، كما يمتلك أسطولاً متنوعاً يضم طائرات إف 16 الأميركية، ورافال الفرنسية، ضمن سياسته لتنويع مصادر أسلحته، وعدم الاعتماد على مورد واحد، وهذه تطورات تزعم إسرائيل أنها قد تؤدي إلى حدوث أزمة في العلاقات مع مصر، وتخلق مشكلة لها.

تحريض إسرائيلي على مصر

سعت الأوساط الإسرائيلية لمعرفة الدوافع المصرية لإجراء هذه المناورات مع الصين، التي تشهد علاقاتها مع الولايات المتحدة توتراً تجارياً، وربما سياسياً متصاعداً، مما قد يُرسل رسائل سلبية لها، وهي التي قدمت مساعدات عسكرية للقاهرة في 2024 بقيمة 1.5 مليار دولار.

وهنا تجد مصر نفسها في وضع معقد، وفق التوصيف الإسرائيلي، فهي من ناحية، تريد الاستمرار في تلقي المساعدات من إدارة الرئيس دونالد ترامب، لكنها من ناحية أخرى، تُعلن معارضتها لخطته القاضية بإجلاء مئات آلاف الفلسطينيين من غزة.

هدف آخر رصده الإسرائيليون من هذه المناورات، وهو أن القاهرة تريد القول لواشنطن إن "لديها شركاء وخيارات"، في الوقت الذي تدرس فيه الأخيرة تقليص مشاركاتها العسكرية في إفريقيا، وإخضاع قيادتها العسكرية لنظيرتها الأوروبية، في مؤشر آخر على انسحابها من القارة.

مما يفسح المجال أمام الصين لسدّ هذا الفراغ، وأي زيادة لتوسيع نفوذها العسكري مع مصر، صاحبة أقوى جيش في إفريقيا، ستُسهم بالتأكيد في تحقيق هذا الهدف، مع العلم أن مبيعات الصين التسلحية في الشرق الأوسط قفزت بنسبة 80% خلال العقد الماضي فقط.

بالتزامن مع المناورات الجارية، عرفت إسرائيل جملة تطورات ذات صلة:

  • اشتكى مسؤولو جهاز الموساد، الذين زاروا مصر في الأيام الأخيرة لبحث وقف حرب غزة، لنظرائهم المصريين من تزايد تسلّح الجيش المصري، وزيادة انتشاره في سيناء.
  • طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من ترامب، في لقائهما الأخير، وقف الحشود المصرية في سيناء.
  • شهدت الساعات الأخيرة تحريضاً غير مسبوق تجاه مصر عقب مناوراتها الحالية مع الصين وصفقاتها التسلحية الأخيرة معها، بزعم أنها مؤشر على "قرع طبول الحرب القادمة من القاهرة".

سعي مصري لكسر التفوق الجوي الإسرائيلي

تكشف هذه المناورات، وفق التقدير الإسرائيلي، عن سعي مصر الحثيث للعثور على ردّ جدي وعملي على القدرات الجوية الإسرائيلية، بالعمل على تطوير ذراعها الضاربة بعيدة المدى، بمساعدة طائرات مقاتلة جديدة.

وليس سراً أنها بحثت منذ فترة طويلة عن بديل موثوق لهذا التفوق، دون نجاح حتى الآن، ولا يرجع ذلك إلى افتقار مصر للأسلحة المُهدِّدة التي قد تضرّ بأفضلية سلاح الجو الإسرائيلي، بل إلى امتناع أمريكا وفرنسا وألمانيا وروسيا عن تزويدها بصواريخ جو-جو أو صواريخ كروز بعيدة المدى، للحفاظ على التفوق الإسرائيلي، مما دفعها مؤخراً للتوجه إلى الصين.

لكن من أهم العوائق التي تحول دون امتلاكها لهذه القدرات الجوية، التكلفة العالية للطائرات المقاتلة المتطورة القادرة على حمل صواريخ بعيدة المدى.

وتوقفت إسرائيل مطولاً عند التقنيات الصينية في مجال الحرب الإلكترونية المستخدمة في المناورة الحالية مع مصر، حيث أثار ظهور طائرة الإنذار المبكر الجديدة استغرابها، لأنها لم تُشاهد سابقاً خارج الصين.

وبالتالي، فإن حقيقة وجودها عملياً في سماء مصر، وعلى مشارف إسرائيل، بما يعنيه من تفعيل قدراتها على جمع المعلومات الاستخبارية الإلكترونية، أثارت قلقاً كبيراً لديها، دفعها لبذل المزيد من الجهود لتحديد وتشخيص المعدات التي يستخدمها الصينيون في هذه المناورة، وحجم استفادة مصر منها.

أحد الخبراء الإسرائيليين استخدم وصفاً ساخراً بقوله: "إن ضباط استخباراتنا يقفون الآن في المدرّجات، ويحاولون فهم ما يسمعونه، لأنهم سيسمعون الكثير، وقد لا يفهمون كل شيء الآن، لكنهم على الأقل يسعون لتقييم ما قد يصل الجيش المصري من تقنيات عسكرية متطورة، وكيف ستضطر إسرائيل للتعامل معها".

وضعت الأوساط العسكرية والسياسية الإسرائيلية هذه المناورات ضمن ما أسمته "شراكة استراتيجية شاملة"، تذكيراً لإسرائيل بالديناميكية التي تميز البيئة الحالية في الشرق الأوسط، والحذر من اليقين المُفرط بموثوقية تحالفاتها الإقليمية والدولية.
صحيح أن شراكة مصر والصين لا تأتي بالضرورة على حساب العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة، وبتحصيل حاصل مع إسرائيل، لكنها تكشف عن سياسة أكثر تعقيداً أمام الأخيرة.

وليس مستبعداً أن تُجري مصر علاقات مماثلة في المستقبل مع دول أخرى قد تتحدى الهيمنة الأمريكية، في ضوء رفع شعار إدارة ترامب "أمريكا أولاً"، وما يعنيه من الانزياح إلى الداخل، والتحلل من الخارج.

ورصدت إسرائيل "سجل التاريخ العسكري" بين مصر والصين، التي شاركت طائراتها J-10C، YY-20A، في معرض مصر الدولي للطيران 2024، حين أرسلت فريق الاستعراض الجوي مع سبع طائرات مقاتلة.

وهي المرة الأولى التي يُقدّم فيها عرضٌ في دولة إفريقية، وأبعد رحلة يسافرونها للمشاركة في عرض جوي دولي، مما يعني أن مناوراتهما، وفق التقدير الإسرائيلي، تُتوّج وصول ثقتهما المتبادلة إلى مستويات عالية، وتدفعهما لاستكشاف مزيد من التسليح الجوي، في ظل اهتمام مصر بتطوير قواتها الجوية بالطائرات المقاتلة الصينية.

انتشار الجيش المصري في سيناء أعداد أكبر يثير قلق إسرائيل

صفقات أسلحة صينية مصرية

بالتزامن مع إجراء المناورات، تحدثت تقارير بأن مصر اشترت من الصين طائرات مقاتلة من طراز J-10C المسماة "التنّين"، مقابل 40 إلى 50 مليون دولار فقط.

وفيما لم تنفِ الأخيرة هذه التقارير، ولم تؤكدها، طرح العسكريون الإسرائيليون سؤالاً "خبيثاً"، مفاده أنه من غير الواضح ما إذا كانت الصين تنكر عملية البيع نفسها، أم عملية تسليمها لمصر، لأن نقل الطائرات الصينية المقاتلة بهذه الطريقة إلى القاعدة الجوية المصرية يُعتبر، بزعمهم، أمراً نادراً ومعقداً من الناحية اللوجستية.

وافترض العسكريون الإسرائيليون أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أنها حملت طائرات بدون طيار، أو أنظمة صاروخية، أو مركبات أرضية، وهي معدات تتناسب مع أنماط المشتريات العسكرية المعروفة في مصر.

وقد زعمت المحافل العسكرية الإسرائيلية أن قائمة مشتريات الأسلحة المصرية الأخيرة عكست حاجتها الماسّة لتأمين مجالها الجوي، وتعطي الأولوية لاقتناء الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الصاروخي، في محاولة حثيثة لتحقيق تفوقها الجوي، وهنا قد تجد ضالّتها في الصين غير الخاضعة للاشتراطات الأمريكية.

وهنا يبدو مهماً استحضار دعوة قائد جيش الاحتلال المستقيل، هآرتسي هاليفي، في خطاب تنحّيه أوائل مارس/آذار، لإدراج مكوّنات القوة العسكرية المصرية في حسابات الجيش، باعتبارها "خطراً قد يتدهور"، بحيث تتضمن أهداف بناء قوته التداعيات المترتبة على القدرات العسكرية المصرية عبر جميع مكوناتها: البرية والبحرية والجوية والدفاعية.

ورصدت إسرائيل بقلق وصول الطائرات الصينية العملاقة إلى مصر للمشاركة في المناورات، لأنها ترمز إلى تعميق علاقاتهما العسكرية من جهة، ومن جهة أخرى تكشف عن طموحات بكين الاستراتيجية في المنطقة العربية، التي ظلّت لفترة طويلة تحت النفوذ الغربي والروسي، وهذه المرة عبر البوابة المصرية.

مما يعني أن نشر طائرة الشحن الثقيلة Y-20 فيها، وهي حجر الزاوية في قدرات الصين للنقل الجوي، يشير إلى تحول جيوسياسي أوسع نطاقاً قد يُعيد تشكيل التحالفات وتوازنات القوى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ووفق التقديرات الإسرائيلية، فإن ظهور هذه الطائرة الصينية العملاقة في مصر ليس أمراً مهماً فقط من حيث قدراتها التقنية، بل في سياق علاقتهما الوثيقة بشكل متزايد، فمصر تتمتع بموقع استراتيجي عند مفترق الطرق بين أفريقيا والشرق الأوسط والبحر المتوسط.

كما أنها لاعب رئيسي في الجغرافيا السياسية الإقليمية، وتسيطر على قناة السويس، الشريان الحيوي للتجارة العالمية، وتمتلك جيشاً كبيراً ومؤثراً، مما يزيد من مؤشرات التفاعل النشط بين منظومتيهما العسكريتين، ويُعزّز الأدلة على شراكتهما العملياتية المتنامية، وهذا مصدر تحدٍّ أمام إسرائيل، لا بد من التعامل معه.

يطرح الإسرائيليون فرضيات لتأثير هذه المناورات عليهما، صحيح أن الصين تنظر إلى مصر باعتبارها شريكاً استراتيجياً محتملاً وموثوقاً به، خاصة في ضوء مشترياتها المكثفة من المعدات العسكرية.

لكن القاهرة حريصة على عدم الإضرار بعلاقاتها مع واشنطن، لأن هذه المناورات، وما قد تسفر عنه من صفقات شراء أسلحة جوية ثقيلة، سيؤدي إلى إثارة المخاوف في إسرائيل بشأن نواياها المستقبلية، مع أن الولايات المتحدة ما زالت تمتنع عن بيع الطائرات "النوعية" لمصر، انطلاقاً من التزامها بالحفاظ على التفوق العسكري الواضح لإسرائيل في المنطقة.

وحتى عندما يتعلق الأمر بالدول التي لديها اتفاقيات سلام معها، مثل مصر، فإن بيع الطائرات المقاتلة المتقدمة، خاصة الشبحية، قد يُقوّض ميزتها الاستراتيجية، ويُغيّر توازن القوى العسكرية في الشرق الأوسط.

أخبار متعلقة :