بدا لافتاً حالة الإرباك التي عاشتها إسرائيل في الأيام الأخيرة عقب اندلاع حرائق مفاجئة بفعل أحوال الطقس، ما أفسح المجال لتوجيه الاتهامات للحكومة ورئيسها والجبهة الداخلية، لظهورهم جميعاً في حالة انكشاف مهين، بسبب عدم الجاهزية اللازمة من المعدّات والإنذارات والإسناد اللوجستي.
مع العلم أن التحذيرات انطلقت قبل فترة عقب اندلاع حرائق لوس أنجلوس، وظهر تخوّف من إمكانية تكرارها في إسرائيل، لكن وقائع الأيام الأخيرة كشفت عن جاهزية في أدنى صورها، دفعت الإسرائيليين للهروب إلى الشوارع.
وانتقد الإسرائيليون الأدوات البدائية في إطفاء الحرائق، ما أعطى صورة سلبية عن إسرائيل، الدولة النووية، التي ظهر استعدادها أمام تغير مفاجئ في الأحوال الجوية عاجزاً، وجعلها تبدو في حالة من الشلل.
حرائق واسعة وإخلاء مدن وتعطيل القطارات
بدأت موجة حرائق الغابات في إسرائيل صباح الأربعاء 23 أبريل/نيسان 2025، وبقيت متواصلة حتى بداية مايو/أيار 2025، وسرعان ما انتشرت إلى مناطق واسعة بسبب الأمطار الغزيرة والرياح، والتهمت ما يزيد على 24 ألف دونم.
وانتشرت الحرائق في مائة موقع في مدن القدس وتل أبيب وعسقلان وبئر السبع واللد ومعاليه أدوميم، حيث تم إخلاء العديد من الكيبوتسات والبلدات، وأُغلقت الطرق السريعة أمام حركة المرور، ما تسبب باضطرابات في المواصلات.
ونظراً لحالة الإرباك وعدم قدرة قوات الإطفاء على السيطرة على النيران، فقد انضمت الشرطة والجيش، عقب اضطرار السائقين للتخلي عن سياراتهم، والفرار من النيران، وإجلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين، وتعليق القطارات في خطوط السكك الحديدية، وإلغاء احتفالات ذكرى إقامة دولة الاحتلال. ودَفعت شدة الحرائق بمفوض سلطة الإطفاء، آيال كاسبي، للاعتراف بأن "الحريق الحالي هو أحد أصعب الأحداث التي يتذكّرها".
غياب التوقعات ونقص المعدّات وعدم الجاهزية
كشفت الحرائق في إسرائيل عن جملة من الإخفاقات التي أحاطت بأداء الحكومة والجبهة الداخلية، من أهمها:
- غياب التوقعات باندلاع الحرائق رغم امتلاك إسرائيل لمنظومة متقدمة ترصد وتستشرف أحوال الطقس.
- عدم جاهزية قوات الإطفاء بشكل مناسب للتعامل مع الحرائق، رغم أن إسرائيل صنّفت أزمة المناخ باعتبارها تهديداً لأمنها القومي قبل سنوات، وأعطت هيئة الإطفاء صفة أمنية.
- عدم استخلاص الدروس من الحرب الجارية، ففي صيف 2024، أطلق حزب الله صاروخاً على المستوطنات الشمالية، فاشتعلت النيران في 220 ألف دونم، بتكلفة تجاوزت 3 مليارات شيكل.
- معاناة خدمات الإطفاء من نقص التكنولوجيا المستخدمة، والشكوى الدائمة من انخفاض ميزانياتها، ونقص طائرات وسيارات الإطفاء، وتقادم عمرها لما يزيد على عقدين من الزمن.
دفعت حالة العجز التي واجهتها إسرائيل إلى طلب المساعدة الدولية للسيطرة على الحرائق، حيث اتصل وزير الخارجية غدعون ساعر بنظرائه في اليونان، كرواتيا، قبرص، إيطاليا، وبلغاريا، كندا، رومانيا.
تُثبت هذه البيانات أن إسرائيل في وضع هشّ للغاية بالنسبة للحرائق، يكفي أن يُلقي أحدهم سيجارة من مركبة متحركة، ما يقدم توقعات متشائمة للغاية، وتوقعاً بأن تشتد بفعل الاحتباس الحراري، لأنه كلما ارتفعت درجة حرارتها، واشتدت رياحها، زادت حرائقها، وبالتالي فإن الظاهرة خطيرة فعلاً، وقد تتطور بسرعة إلى كارثة، فيما لا تبدي الحكومة الاستعداد الكافي لمواجهتها.
أخبار متعلقة :