دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات - بلد نيوز

يمني سبورت 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

تناول الشيخ الفاضل محمد وسيم (ابو عاصم ) في خطبته اليوم الجمعة موضوعا بالغ الأهمية حول دور الشباب في المجتمع.
و لطالما كانت مرحلة الشباب من أهم المراحل العمرية التي تمر بها حياة الإنسان، فهي مرحلة القوة والطاقة والاندفاع، وفيها تتشكل الشخصية وتُبنى الطموحات وتتبلور الرؤى. ولأهميتها الكبرى، أولى الإسلام هذه المرحلة عناية خاصة، وكرّمها بذكرها في نصوص القرآن والسنة النبوية الشريفة، فجاءت إشارات واضحة إلى قدرة الشباب على إحداث التغيير ومواجهة الفساد والباطل.

وقد جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى على لسان قوم إبراهيم عليه السلام: "قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ"، في وصف شاب أحدث ثورة فكرية في مجتمع يعبد الأصنام. كما وصف الله أصحاب الكهف بأنهم: "فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى"، فكانوا رمزًا للثبات على المبدأ في وجه الطغيان.

أما في السنة النبوية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه"، فخصص السؤال عن الشباب لأهميته كأعظم مرحلة عطاء وتأثير في حياة الإنسان.

وقد كان تاريخنا الإسلامي زاخرًا بنماذج شبابية مشرقة أثبتت أن الشباب هم عماد النهضة. فقد ولى النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد قيادة جيش المسلمين وعمره لا يتجاوز الثامنة عشرة، وكان تحت قيادته كبار الصحابة. وفتح محمد الفاتح القسطنطينية وهو في مقتبل العمر، محققا بشارته النبوية. وتعلم زيد بن ثابت لغة اليهود بأمر من النبي، وأصبح من كتاب الوحي وهو في العشرينات. فهؤلاء وغيرهم جسدوا بأفعالهم عظمة الشباب حين يتمكنون ويربون تربية صالحة.

إلا أن شباب اليوم، رغم ما يحملونه من طاقات جبارة، يواجهون جملة من التحديات والمعوقات التي تعيق مساهمتهم الحقيقية في تنمية المجتمع. من أبرز هذه التحديات:

ضعف التعليم وتردي مستواه، نتيجة انتشار الغش وغياب الانضباط وارتفاع التكاليف، إلى جانب الإضرابات المتكررة التي انعكست سلبا على جودة المخرجات التعليمية.

المعوقات الاقتصادية، حيث أصبحت كثير من الأسر غير قادرة على تأمين تكاليف التعليم أو دعم أبنائها بعد التخرج، ما أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة بين الشباب.

الظواهر الاجتماعية السلبية، كارتفاع المهور وتعاطي القات والتدخين، وهي ممارسات تنهك الشباب وتبدد طاقتهم.

غياب القدوة الصالحة، نتيجة بروز "مشاهير" منعدمي المحتوى والقيمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أربك مفاهيم القدوة لدى الشباب، فظن بعضهم أن الشهرة والثراء هما المعيار الحقيقي للنجاح.

ورغم هذه التحديات، لا يزال هناك شباب يحملون الأمل، ويجتهدون لصناعة مستقبل أفضل، ويثبتون كل يوم أن فيهم الخير الكثير، إن وفرت لهم البيئة المناسبة والدعم الكافي. وفي المقابل، هناك من لم يقو على مقاومة الضغوط، فسقط في الانحراف والضياع، إما بسبب ضعف التربية أو قسوة الواقع.

من هنا، فإن مسؤولية احتواء الشباب والنهوض بهم تقع على عاتق الجميع: الدولة، والمؤسسات التعليمية، والأسرة، والدعاة والمربين. فالشباب أمانة، وإذا أحسنا التعامل معهم، فإنهم سيكونون وقود النهضة و صناع المجد.

اللهم رد شباب المسلمين إليك ردا جميلا، واجعلهم هداة مهتدين، ووفقهم لما فيه خير أنفسهم وأسرهم وأمتهم. آمين.

أ.د مهدي دبان

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق