في خطوة هي الأولى من نوعها منذ نشأة منظمة التحرير الفلسطينية، يستعد "المجلس المركزي الفلسطيني" لاستحداث منصب نائب الرئيس، في حين كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست" تفاصيل وكواليس متعلقة بالمنصب الجديد، وأهم المرشحين له، وآلية اختياره.
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أعلن خلال القمة العربية الطارئة مطلع مارس/آذار 2025، في القاهرة استحداث المنصب.
اجتماع هام للمجلس المركزي لانتخاب نائب الرئيس
أكدت مصادر من منظمة التحرير الفلسطينية لـ"عربي بوست"، أنها وزعت دعوات لأعضاء المجلس المركزي الفلسطيني الذي يعتبر حلقة الوصل ما بين المجلس الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير البالغ عدد أعضائه 180، للاجتماع على مدار يومين هما 23 و24 أبريل/نيسان 2025 في رام الله، لتعديل النظام الأساسي.
والمجلس المركزي الفلسطيني هو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني، ومسؤول أمامه، ويشكل من أعضائه، ويتكون من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس المجلس الوطني، وعدد من الأعضاء يساوي على الأقل ضعفي عدد أعضاء اللجنة التنفيذية، من فصائل المقاومة والاتحادات الشعبية والكفاءات الفلسطينية المستقلة.
بحسب المصادر من منظمة التحرير، يجتمع الأعضاء من أجل بحث تعديل المادة 13 من القانون الأساسي الفلسطيني، الخاص بانتخاب أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، أوضح لـ"عربي بوست"، إن الاجتماع سيعمل على تعديل القانون الأساسي الفلسطيني لاستحداث المنصب الجديد، لإضافة بند نائب الرئيس.
وقال إن رئيس المجلس الوطني وجّه الدعوات للأعضاء، وأعلن تشكيل لجنة لإنجاح اجتماع المركزي، وإجراء حوار مع جميع الفصائل بهذا الخصوص.
آلية اختيار نائب الرئيس
حول انتخاب نائب الرئيس، أثارت مصادر من اللجنة التنفيذية، سيناريوهين اثنين لآلية الاختيار، هما:
- بالانتخاب، داخل منظمة التحرير.
- التعيين من الرئيس، ونيل الموافقة من اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير.
لكن عضو اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير، أبو يوسف، أكد لـ"عربي بوست"، أن مهمة اختيار الشخصية لهذا المنصب هي داخل منظمة التحرير، وليس المجلس المركزي.
وأكد أن أعضاء اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير هم من سينتخبون نائب الرئيس.
وحول دستورية اختيار نائب الرئيس وآليته، أوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رمزي رباح لـ"عربي بوست"، أن ذلك "يندرج نظامياً ضمن القانون الأساسي لمنظمة التحرير، وتحديداً المادة 18 منه، التي تنص على أنه يحق للمنظمة استحداث دوائر ومسؤوليات على أعضائها، في إطار عملها، وبما يلبي احتياجات وضرورات عملها".
وأضاف: "بالتالي ضمناً، يندرج استحداث منصب نائب الرئيس تحت هذا الإطار".
وتابع رباح بأنه طالما أن اللجنة تنتخب رئيس المنظمة، فمن الطبيعي أن يكون انتخاب النائب في اللجنة، وهذا أمر قانوني وفقاً للنظام الأساسي للمنظمة".
وأضاف بأنه سواء تم اختيار أحد أعضاء اللجنة لشغل المنصب، أو أن الرئيس اقترح شخصاً من أعضائها، ففي النهاية سيتم إحالة ذلك للتصويت داخل اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير، بالتالي الموافقة تكون داخلها.
يشار إلى أن المجلس الوطني الفلسطيني ينظر إليه على أنه بديل للمجلس التشريعي،عقب تعطيله عام 2018 إثر تداعيات الانقسام الفلسطيني منذ 2007، وسط غياب الانتخابات التشريعية (البرلمانية) حتى اليوم.
المرشحون الأوفر حظاً
رجحت مصادر من حركة فتح والسلطة الفلسطينية، ثلاثة أسماء للمنافسة على منصب نائب الرئيس، هم:
1- حسين الشيخ، يعتبر الأقرب للرئيس محمود عباس، وهو أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
كما أن للشيخ علاقات على مستوى عربي ودولي، وانخرط بشكل كبير في الملف السياسي.
ويُنظر إلى الشيخ على أنه الذراع اليمنى لعباس، وأحد المقربين منه، إذ يرافقه في كل جولاته الخارجية والمؤتمرات الإقليمية والدولية، واجتماعاته الداخلية.

2- جبريل الرجوب، وهو أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وتربطه أيضاً علاقات دولية قوية، ويراه الفتحاويون قائدًا مقربًا إلى صفوف القاعدة بخطابه الشعبوي.
وللرجوب إرث أمني قادم من مقار الأمن الوقائي، وكان عميداً ثم لواءً، ومع تشكيل مجلس الأمن القومي الفلسطيني، انضم إليه بصفته "مقرراً"، وكان كذلك مستشاراً للأمن القومي لعباس.
وكان الرجوب شغل في 2008، رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في دورته الأولى 2008-2012.
ويعد الشيخ والرجوب تياران متنافسان، إذ يضم التيار الأول أمين سر اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات، ماجد فرج، مقابل المحور المضاد أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، ومحمود العالول نائب رئيس حركة فتح، اللذين يمثلان تيار الصقور والحرس القديم في فتح اليوم، وآخر وجوه عهد ياسر عرفات الباقية حتى الآن في الصف القيادي الأول للحركة.

٣- روحي فتوح، وهو رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، ويتولى دستورياً الرئاسة في حال شغور المنصب إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية.
سبق أن انتُخب فتوح رئيساً للمجلس الوطني الفلسطيني عام 2022. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أصدر عباس مرسوماً دستورياً يتولى بموجبه روحي فتوح منصب رئيس السلطة الفلسطينية إذا شغر.
وشغل روحي سابقاً مناصب عدة، إذ عيّنه عباس في مناصب بارزة عدة، منها الممثل الشخصي لرئيس السلطة، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس دائرة المغتربين في المنظمة.

مصادر من داخل فتح، ومن منظمة التحرير فضلت عدم ذكر اسمها، اعتبرت أن الشيخ هو الأوفر حظاً لنيل منصب نائب الرئيس.
ولم تستبعد المصادر أن يطرح عباس اسم نائب الرئيس من قبله، وأن ينال الموافقة عليه من اللجنة التنفيذية، خاصة وأنه لم يطرح حتى الآن إجراء أي تعديل على أعضاء اللجنة بإدخال أسماء جديدة من حركة فتح لاستلام منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية.
وينحصر منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية بأحد الأعضاء من اللجنة، وليس من خارجها.
ومؤخراً، أصدر محمود عباس قراراً جديداً لصالح حسين الشيخ، بتعيينه رئيساً للجنة السفارات الفلسطينية.
لماذا استحداث منصب نائب الرئيس؟
أوضح "أبو يوسف"، أن الظروف التي أدت لاستحداث منصب نائب الرئيس، "تأتي في ظل مطالبات عربية ودولية لتعديل النظام السياسي الفلسطيني، وتقاطعت مع جهود داخلية لتمتين البيت الداخلي، بما يتلاءم مع تطورات الأوضاع في فلسطين، وحرب الإبادة المستمرة".
وكانت مصادر خاصة أشارت في حديثها لـ"عربي بوست"، إلى ضغوط عربية وأوروبية مورست على القيادة الفلسطينية لاستحداث هذا المنصب، في ظل تعثر إجراء انتخابات، مع منع الاحتلال إجرائها في القدس المحتلة.
تابعت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن قرار استحداث منصب نائب الرئيس "لا يتعارض مع القرار الدستوري بتولي رئيس المجلس الوطني الرئاسة حتى إقامة الانتخابات".
ولا تنحصر المطالبات الدولية لإحداث تغيير على النظام السياسي الفلسطيني فقط، بل أيضاً بإجراء "إصلاحات إدارية على مستوى الحكومة الفلسطينية والوظيفة العمومية".
على إثر ذلك، باشرت الحكومة الفلسطينية بجملة إجراءات، من بينها إلغاء بعض الهيئات الحكومية، وإعادتها لوزاراتها الرئيسية، ودمج موظفيها لتقليل النفقات التشغيلية.
كما أنها أحالت آلاف الضباط في الأجهزة الأمنية للتقاعد، إلى جانب دراسة إحالة موظفين مدنيين للتقاعد قبل بلوغهم سن التقاعد (60 عاماً).
كذلك، فإن استحداث منصب نائب الرئيس، ترافق مع إعلان العفو عن المفصولين من حركة فتح بعد تسوية أوضاعهم التنظيمية، وبشرط عدم ملاحقتهم على قضايا بالمحاكم الفلسطينية.
ومن المتوقع أن يحظى نائب الرئيس بصلاحيات واسعة، بالإضافة إلى أنه سيأتي على رأس أجهزة أمنية متجددة، وحكومة جديدة نسبياً، إلا أن عباس لم يحدد بعد صلاحيات نائب الرئيس بشكل علني.
وسبق أن أقال عباس جميع وزرائه، وشكَّل حكومة جديدة عام 2024 برئاسة محمد مصطفى.
ومؤخراً قام أطاح بباس بأغلب قادة الأجهزة الأمنية باستثناء ماجد فرج رئيس المخابرات، وعيَّن رؤساء جدداً لأهم الأجهزة، وجاء غالبيتهم هذه المرة من حرس الرئيس الخاص، وذلك قبل طرح انتخاب نائب للرئيس.
يشار إلى أن طرح مسألة نائب الرئيس جاءت في كلمة عباس أمام القمة العربية الطارئة التي عقدت في العاصمة المصرية القاهرة، التي كانت مخصصة لبحث تطورات القضية الفلسطينية، وخاصة في قطاع غزة.
وقال عباس: "قررنا استحداث منصب وتعيين نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، وإصدار عفو عام عن جميع المفصولين من حركة فتح، حرصاً منا على وحدة الحركة".
وأكد رئيس السلطة الفلسطينية: "نحن على أتم الجاهزية لإجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، خلال العام المقبل، في حال توفرت الظروف الملائمة لذلك، في غزة والضفة والقدس الشرقية، كما جرت الانتخابات السابقة في جميعها، وندعو الجميع لتهيئة الظروف لذلك".
0 تعليق