بلد نيوز

أبرزها تخصيب اليورانيوم.. 4 عقبات أمام الاتفاق الأمريكي الإيراني المحتمل بشأن البرنامج النووي - بلد نيوز

تواجه المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن البرنامج النووي لطهران تعقيدات وعقبات عدة ترتبط بعدد من القضايا في مقدمتها تخصيب اليورانيوم والصواريخ الباليستية الإيرانية والمدى الزمني للاتفاق.

وكان الجانبان الأمريكي والإيراني قد عقدا ثلاث جولات من المباحثات بوساطة عُمانية بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد يشمل نسخة ثانية من خطة العمل الشاملة المشتركة التي تم التوصل إليها في عام 2015، فيما تم الإعلان عن تأجيل الجولة الرابعة.

وجاء التأجيل في أعقاب عقوبات أمريكية جديدة على شبكات النفط الإيرانية، وتحذيرات واشنطن من دعم طهران المزعوم لقوات الحوثيين في اليمن. وقد انتقدت إيران الولايات المتحدة لما وصفته بسلوكها المتناقض والاستفزازي في المفاوضات.

المرشد الإيراني الأعلى خامنئي – رويترز

ما هي خطة العمل الشاملة المشتركة 2 التي يسعى الطرفان للتوصل إليها؟

يسعى الطرفان الأمريكي والإيراني إلى التوصل إلى إطار مبدئي قيد المناقشة حالياً يبقي على جوهر خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، وهي الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018 خلال ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى، حسبما نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة.

وقد لا يشهد الاتفاق الجديد اختلافات جذرية عن سابقه الذي وصفه ترامب بأنه الأسوأ في التاريخ، لكن جميع المصادر أشارت إلى تمديد أجله إلى 25 عاماً وتشديد إجراءات التحقق وتوسيع ما يطلق عليها "بنود الانقضاء" التي تعلق جوانب بالبرنامج النووي الإيراني ولكنها لا تفككه تماماً.

وذكرت جميع المصادر أنه بموجب الشروط الجاري مناقشتها، ستحد إيران من مخزون اليورانيوم وأنواع أجهزة الطرد المركزي وستخفف أو تصدر أو تحفظ مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% في وجود رقابة غير مسبوقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ما هي العقبات التي تواجه مفاوضات البرنامج النووي لطهران؟

برزت عدة عقبات خلال المحادثات التي جرت بين الجانبين سيتعين على المفاوضين تجاوزها للتوصل إلى اتفاق وتجنب أي عمل عسكري في المستقبل.

وتتمثل أهم هذه العقبات فيما يلي:

 أولاً: تخصيب اليورانيوم

  • تشكل مسألة قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم أبرز التعقيدات التي يناقشها الجانبان، وهو أمر تطالب واشنطن وإسرائيل بوقفه تماماً، مما يجعل طهران تعتمد على اليورانيوم المستورد لمحطة بوشهر، وهي محطتها النووية الوحيدة القائمة وتقع على ساحل الخليج.
  • فيما قالت إيران إن حقها في التخصيب غير قابل للتفاوض. لكن ثلاثة مسؤولين إيرانيين قالوا إن حجم مخزون اليورانيوم وشحنه خارج البلاد وعدد أجهزة الطرد المركزي هي أمور قيد النقاش.
  • وأكدت المصادر كلها، ومنها ثلاثة مسؤولين إيرانيين، أنه وبموجب المقترحات التي جرى بحثها في جولات المحادثات في أبريل/نيسان، ستضع إيران سقفاً لمستوى التخصيب عند 3.67%، بما يتماشى مع خطة العمل الشاملة المشتركة.
  • وأضافت المصادر الإيرانية أن طهران منفتحة أيضاً على منح الوكالة الدولية للطاقة الذرية حق وصول موسع إلى مواقعها النووية.
  • وأوضحت المصادر أن المقترحات تهدف إلى فرض قيود دائمة على تخصيب اليورانيوم تمنع أي تجاوز للحدود.
  • وبدا أن ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، يقر بهذا الموقف في تعليقات أدلى بها الأسبوع الماضي، لكنه قال لاحقاً إن على إيران أن "توقف تخصيب اليورانيوم وتنهيه تماماً".
  • وقال أحد المصادر الإيرانية الثلاثة، وهو مسؤول أمني كبير، لرويترز إن هناك حلاً وسطاً محتملاً آخر يتمثل في احتفاظ إيران بالحد الأدنى من التخصيب، من خلال خمسة آلاف جهاز طرد مركزي، مع استيراد بقية اليورانيوم المخصب، ربما من روسيا.
  • وذكر المسؤولون الإيرانيون الثلاثة أنه مقابل وضع قيود على التخصيب، طالبت طهران بضمانات قاطعة بأن ترامب لن ينسحب مجدداً من الاتفاق النووي.
  • وأضافوا أن من بين الخطوط الحمراء التي وُضعت بتكليف من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي؛ خفض كمية اليورانيوم المخصب الذي تخزنه البلاد إلى ما دون المستوى المتفق عليه في اتفاق عام 2015.
  • وقال مصدر إقليمي رفيع المستوى مقرب من طهران إن الجدل الدائر حالياً حول مخزونات اليورانيوم الإيرانية يتركز على ما إذا كانت إيران "ستحتفظ بجزء منه، مخفف، داخل البلاد بينما ترسل جزءاً آخر إلى الخارج، ربما إلى روسيا".
  • ووفقاً للمصدر، طرحت إيران فكرة بيع اليورانيوم المخصب للولايات المتحدة.
    تشغل إيران حالياً حوالي 15 ألف جهاز طرد مركزي. وبموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، سمح لها بتشغيل حوالي ستة آلاف جهاز.
  • وقال المسؤول الإيراني الكبير: "تتجه المفاوضات بشكل أساسي نحو 'خطة عمل شاملة مشتركة 2' مع بعض الإضافات التي ستسمح لترامب بتقديمها على أنها انتصار، بينما تتمكن إيران من الاحتفاظ بحقها في التخصيب".
عرض واشنطن لإيران ركز على مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي بشرط عدم التصعيد/ رويترز

ثانياً: الصواريخ الباليستية

  • وهناك نقطة خلاف شائكة أخرى تتعلق بقدرة إيران على تصنيع الصواريخ الباليستية. وتقول واشنطن وإسرائيل إن عليها التوقف عن تصنيع الصواريخ، بينما تقول طهران إن لها الحق في الدفاع عن نفسها.
  • وذكر مسؤول إيراني في وقت سابق لرويترز أن بلاده لن تقدم أي تنازلات أخرى بخصوص برنامجها الصاروخي تتجاوز تلك المتفق عليها بموجب اتفاق 2015، وتعرض فقط الامتناع عن صنع صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية "كبادرة حسن نية".
  • وقال مسؤول أمني إقليمي إن واشنطن تضغط لإدراج برنامج الصواريخ الباليستية في المحادثات، لكن طهران "لا تزال ترفض أي نقاش".
  • وأضاف: "المشكلة هي أنه بدون معالجة قضية الصواريخ، لا يمكن لترامب القول إن الاتفاق الجديد يتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة".

ثالثاً: تفكيك البرنامج النووي الإيراني

  • نقلت تقارير عن محللين قولهم إنه بالإضافة إلى قضية تخصيب اليورانيوم، فإن التعقيدات تشمل المطالبة بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل "على الطريقة الليبية"، كما تطالب إسرائيل.
  • وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "بتخصيب صفري" لليورانيوم والتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية على غرار ما حدث مع ليبيا.
  • وفي عام 2003، قامت ليبيا بتفكيك برنامجها النووي على أمل تدشين عهد جديد من العلاقات مع الولايات المتحدة بعد حظر النفط الذي فرضته على نظام معمر القذافي لمدة عقدين من الزمن.
  • ولطالما حذّر المسؤولون الإيرانيون من رفض أي اتفاق مماثل منذ البداية.
  • من جانبه، دعا وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، طهران إلى تفكيك برنامجها النووي بالكامل.
  • وفي مقابلة يوم الأربعاء، قال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، إن إيران يمكن أن تمتلك برنامجاً نووياً مدنياً، لكن سيتعين عليها استيراد الوقود النووي اللازم بدلاً من إنتاجه محلياً.

رابعاً: المدى الزمني للاتفاق

  • وقالت تريتا بارسي، نائبة الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي في واشنطن العاصمة، أن عقبة أخرى قد تظهر إذا طالبت الولايات المتحدة بأن تكون القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني "دائمة". وأضافت: "هذا يختلف عن اتفاقيات الحد من الأسلحة التقليدية، حيث تكون القيود محدودة زمنياً وتنتهي بمرور الوقت".
  • وكان الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عام 2015 له تاريخ انتهاء صلاحية، ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول 2025 ما لم يقرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلاف ذلك.
  • وعندما انسحب ترامب من الاتفاق في عام 2018، انتقد بشدة الحد الزمني للاتفاق وهو 10 سنوات، قائلاً إنه حتى "إذا امتثلت إيران بالكامل، فإن النظام لا يزال بإمكانه أن يكون على وشك تحقيق اختراق نووي في فترة قصيرة من الزمن".
صورة بواسطة الأقمار الاصطناعية لمنشأة نطنز النووية الإيرانية، التقطت في 8 يوليو 2020 (MAXAR TECHNOLOGIES)

لماذا تم تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات الأمريكية الإيرانية؟

أعلن وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، الخميس 1 مايو/أيار 2025، تأجيل الجولة الرابعة من المحادثات التي كان من المقرر عقدها، السبت 3 مايو/أيار، إلى موعد لاحق لأسباب لوجستية وفنية.

فيما تشير التقارير الواردة من إيران إلى أن الأمر قد لا يكون مجرد عقبات لوجستية، بل تحول في الموقف الأمريكي أدى إلى التأجيل، حسبما صرح ريان كوستيلو، مدير السياسات في المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، لموقع ميدل إيست آي.

وصرح مسؤولون إيرانيون بأن تحديد موعد جديد للمفاوضات يتوقف على النهج الأمريكي. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الخميس: "من جانب إيران، لا يوجد أي تغيير في تصميمنا على تأمين حل تفاوضي… سيظل البرنامج النووي الإيراني سلمياً إلى الأبد مع ضمان احترام الحقوق الإيرانية بشكل كامل".

لكن واشنطن نفت فكرة التخطيط لعقد اجتماع في المقام الأول. 

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، الخميس رداً على ما كتبه عراقجي: "لم يتم تأكيد مشاركة الولايات المتحدة في الجولة الرابعة من المحادثات في أي مكان".

وقد يؤدي انهيار المحادثات الأمريكية الإيرانية أو استمرار تأجيلها إلى تصعيد التوترات في المنطقة، حسب تقرير لمجلة نيوزويك.

ماذا نعرف عن اتفاق إيران النووي 2015 وانسحاب ترامب منه؟

توصلت إيران ومجموعة المفاوضات المكونة من ست دول إلى اتفاقية تاريخية عُرفت باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في يوليو/تموز 2015، وهي الاتفاقية التي أنهت 12 عاماً من الجمود والأزمات الناتجة عن برنامج طهران النووي.

ووُقع الاتفاق في فيينا بعد حوالي عامين من المحادثات المكثفة، وحجَّمت الاتفاقية من البرنامج النووي الإيراني بما يضمن لبقية العالم عدم قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية، في مقابل رفع العقوبات عنها.

وبموجب الاتفاق، قبلت إيران القيود المفروضة على برنامجها النووي، مقابل خروجها من قيد العقوبات التي أحاطت باقتصادها لعقد سبق الاتفاقية.

كما أوقفت إيران ثلثي أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها، وشحنت 98% من اليورانيوم المخصب، إضافة إلى ملء مفاعل إنتاج البلوتونيوم بالخرسانة.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب/رويترز

وقبلت طهران بالرقابة الصارمة للوكالة الدولية للطاقة الذرية

وضمت المحادثات النووية مع إيران الست قوى العظمى، وهي المجموعة المعروفة بـ5+1، والتي تضم الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن: الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا. 

كما انضوى الاتفاق تحت مظلة أحد قرارات مجلس الأمن الذي دمجه في القانون الدولي. ووافق أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر آنذاك على الاتفاق بالإجماع.

وعندما تولى ترامب منصبه في عام 2018، أزال الولايات المتحدة، قائلاً إنه "اتفاق سيء" لأنه غير دائم ولم يتناول برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، من بين أمور أخرى. 

وأعاد ترامب فرض العقوبات الأمريكية في إطار حملة "الضغط الأقصى" لإجبار إيران على التفاوض على اتفاق جديد وموسع.

أخبار متعلقة :