تحذير من اغتيال واتهامات بالخيانة.. هكذا تسببت أزمة نتنياهو–بار بمستويات غير مسبوقة من التحريض في إسرائيل - بلد نيوز

عربى بوست 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

من الاغتيال السياسي إلى الخيانة والعصيان المدني والاعتقالات، مصطلحات هيمنت على المشهد السياسي في إسرائيل، في مشاهد عاشتها إسرائيل قبل نحو 30 عاماً، عشية اغتيال رئيس الحكومة الراحل إسحق رابين عام 1995، ما يُنذر بوقوع عملية اغتيال جديدة قد تستهدف أحد القادة السياسيين في إسرائيل.

إذ حذر زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، من وقوع اغتيال سياسي في الدولة، في ضوء الأزمة السياسية المتصاعدة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ورئيس جهاز الأمن العام "الشاباك"، رونين بار، الذي يرفض قبول إقالته.

فيما تتزايد الاستقطابات الداخلية بشأن الدعوات المتنامية لوقف الحرب على غزة واستعادة المختطفين، وسط تبادل اتهامات قاسية وغير معهودة بين الائتلاف الحكومي والمعارضة، تتضمن مفردات "الخيانة، وتقويض أمن الدولة، والدعوة لاعتقالات سياسية لشخصيات رفيعة المستوى، والعصيان المدني".

مستويات "غير مسبوقة" من التحريض

ألقى يائير لابيد خطاباً استثنائياً يُشبه "قنبلة من الوزن الثقيل"، ذاكراً فيه: "بناءً على معلومات استخباراتية، فإنني أُحذّر من وقوع جريمة قتل سياسية، ربما أكثر من واحدة، اليهود سيقتلون يهوداً، بتنفيذ اغتيالات سياسية من الداخل، ما يعني أن الدولة تسير نحو كارثة أخرى، وهذه المرة ستأتي من الداخل".

وأضاف لابيد: "مستويات التحريض والجنون غير مسبوقة، حيث تم تجاوز الخط الأحمر.. الآن أُحذّر مجدداً، أن أكثر التهديدات شيوعاً موجهة لرئيس الشاباك، الذي كرّس حياته لأمن الدولة، ومعظمها ليست من العرب، ولا من حماس أو حزب الله، بل من اليهود".

رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، انضم للمحذرين قائلاً: "حالة الهياج على شبكات التواصل، والخطاب الإسرائيلي عنيف، وكل ما نشهده مثير للقلق، ويجب ألا يصل إلى الاغتيال السياسي، لكن من يتابع هذه المنصات لا يحتاج إلى معلومات استخباراتية، نحن في حالة غليان".

بالتزامن مع هذه التحذيرات، رصد "عربي بوست" جملة من التهديدات التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي في إسرائيل، ووسائل الإعلام اليمينية المقربة من الحكومة، الموجهة ضد بار، ومما جاء في هذه التعليقات: "الخائن الأعظم في تاريخ الشعب اليهودي بأكمله".

زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد/ رويترز
زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد/ رويترز

بينما دعا آخر لأن "تكون عقوبته المناسبة الشنق بلا شك"، وخاطبته ثالثة أن "الإعدام هِبة لك.. عليك أن تعاني حتى آخر يوم في حياتك"، ونادى رابع "أعدموه"، ووصفه خامس بـ"سيد القتلة، أعظم مجرم يهودي وقاتل في العالم أجمع"، ونعته سادس بأنه "حثالة يسارية نازية".

فيما رأى آخر أن بار "عدو لإسرائيل، ورم سرطاني خبيث في قلب الأمة، يجب استئصاله"، وكتب ثامن أنه "يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولن نتردد بإنزاله عن الكرسي، ورغم تحصّنه في المكتب، فإن رصاصة تنتظره في رأسه بالخارج… مصيره محسوم".

من جهة أخرى، دعا متظاهر إسرائيلي إلى قتل بنيامين نتنياهو، لأن ما تمرّ به إسرائيل اليوم "شبيه بألمانيا عام 1939″، حين سعى أحد أفراد الأمن لإنقاذ العالم بمحاولة قتل هتلر، متسائلاً: "ألا يوجد رجل واحد في إسرائيل يمكنه إنقاذها؟".

لم تقتصر التهديدات بالاغتيال على بار، بل إن وزراء وشخصيات بارزة في الائتلاف اليميني أدلوا بتصريحات مماثلة عن المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، وتحولت فوراً إلى تهديدات جنونية عبر الإنترنت، ما زاد من الإجراءات الأمنية المشددة حولهما، بسبب هذا التحريض الجنوني.

نتنياهو في ورطة، وهذه خياراته

تفاعل مسؤولون كبار في الجيش والاستخبارات والشرطة مع التحذيرات من وقوع اغتيال سياسي، ووجدت ترجمتها في لقاء كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين، وأهمهم: دان حالوتس، ويورام كوهين، وإفرايم هاليفي، وموشيه كارادي، وأوري ساغيه، وعامي آيالون، قادة الجيش، والشاباك، والموساد، والشرطة، والاستخبارات العسكرية، وسلاح البحرية على التوالي.

إذ حذروا الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، مما وصفوه بـ"صراع المصالح الذي يجد نتنياهو نفسه فيه"، بسبب فضائحه العديدة المحيطة به وبمساعديه، سواء قضية "قطر-غيت"، أو إقالة بار، أو استمرار الحرب العبثية في غزة، أو تشجيعه على تهرب الحريديم من الخدمة العسكرية، وقبلها مسئوليته عن الفشل في السابع من أكتوبر.

ودعوا هرتسوغ للإقرار بأن "سلوك نتنياهو يثير شكوكاً جدية حول ملاءمته لتولي رئاسة الحكومة، لأنه يشكل خطراً على الدولة، ويقود إلى كارثة أخرى نحو الديكتاتورية، وعرضوا عليه قضايا أمنية وسياسية واجتماعية تؤدي إلى الإضرار بقوة الدولة وأمنها، لأن اعتبارات الولاء الشخصي، وليس الولاء للدولة، توجه سلوكه".

يائير غولان، زعيم حزب "الديمقراطيين"، أكد أننا "أمام لائحة اتهام خطيرة وناقوس خطر يهدد النظام السياسي للدولة، لأن رئيس الوزراء فاشل أمنياً وسياسياً، مُتورط حتى عنقه، ويحتفظ أتباعه بعلاقات سرية مع دولة معادية من وراء ظهر المؤسسة الأمنية، ويحاولون استغلال جهاز الأمن للبقاء سياسياً".

وأضاف غولان أن نتنياهو "فوضوي يقود حكومة فوضوية، وهذا ليس خطراً على النظام السياسي فحسب، بل انقلاب فعلي، ويشكل تهديداً مباشراً لأمن الدولة ووجودها، وعليه أن يرحل الآن".

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/ رويترز
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/ رويترز

الجنرال غادي آيزنكوت، قائد الجيش الأسبق وعضو مجلس الحرب المستقيل، انضم إلى التحذيرات من تدهور الدولة.

حيث كشف أنه يعلم بطلب نتنياهو من "الشاباك" التنصت على الوزراء وكبار المسؤولين الأمنيين، ويرسل وزراءه ومبعوثيه لمهاجمة الأجهزة الأمنية وتدميرها وتشويهها، وهو على علم بهم مسبقاً، مما يُفسر الهستيريا المحيطة به، "اللعنة" إنه رئيس الوزراء منذ 17 عاماً، ويتباكى على الدولة العميقة!

أما رئيس معسكر الدولة بيني غانتس، فأكد أن "الاعتبارات الشخصية تغلغلت في (قدس أقداس) أمن إسرائيل وصنع قرارات الحرب، واليوم نحن أمام قرار ثقيل، أهميته هائلة للدولة وسيادة القانون، والوضع الحالي يؤكد مدى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق حكومية، والإعلان عن الانتخابات في أقرب وقت ممكن لوقف التدهور".

فيما أكدت حركة "جودة الحكم" أن نتنياهو غير كفء لأداء مهامه الحكومية، ولم يعد لائقاً لمواصلة منصبه، فيما اجتمع أقطاب المعارضة في الساعات الأخيرة للتنسيق بينهم، والبحث في كيفية التصرف مستقبلاً، وتراوحت خياراتها بين:

  • طلب إجراء مناقشة طارئة في الكنيست.
  • الدعوة إلى التحقيق الجنائي مع نتنياهو.
  • مطالبة الجمهور بالعصيان المدني.

فيما انضمت عائلات المختطفين في غزة إلى الهجوم على نتنياهو، لأنه يؤجل إعادتهم إلى ذويهم بسبب خلافات شخصية وسياسات تافهة، وهذا مؤشرٌ سيئ على أولويات الحكومة.

تخوين "بار" والمطالبة بإعدامه

على الفور، انتشرت ماكينة "السموم" الحكومية والحزبية كالنار في الهشيم، مما زاد من الاستقطاب السياسي الحاد في الدولة، فلم يتردد مكتب نتنياهو في اتهام بار بالفشل الذريع في التعامل مع دعوات القتل ضده، ومنع إطلاق المتظاهرين للقنابل الضوئية على منزله في قيسارية، زاعماً أنه لن "تكون حرب أهلية في إسرائيل".

واتهم حزب "الليكود" يائير لابيد بأنه "ينشر صوراً لنتنياهو بملابس السجناء، والمقصلة، والحبال المعلّقة، ووصفه بـ"الخائن"، وإطلاق عدد لا يُحصى من التهديدات بالقتل ضده، فيما أقام بار ميليشيات تابعة للدولة العميقة".

أريئيل كيلنر، عضو الكنيست من "الليكود"، هاجم التحذيرات من وقوع اغتيال سياسي، وزعم أن وصف بار بـ"المجرم" ليس تحريضاً، لأنه رئيس منظمة مسلحة يُقرر عدم الانصياع لحكومة منتخبة، وهذا وصف واقعي، مقابل افتراءات "دموية" حول نتنياهو.

أما وزير المالية، بيتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب "الصهيونية الدينية"، فاتهم بار بكونه "رجل خطير، يتصرف بطريقة إجرامية لتنفيذ انقلاب، ويستخدم أدوات الاستخبارات والتحقيقات الوحشية لمصالحه الشخصية للانتقام من السياسيين".

بينما زعم يائير، نجل نتنياهو، أن "بار يحاول تنفيذ انقلاب من خلال منظمة مسلحة"، وادعى وزير التعليم يوآف كيش أن "التحريض ضد نتنياهو تجاوز كل الحدود، وشهدنا محاولات للمس به"، واعتبر شلومو كرعي، وزير الاتصالات، أن بار امتداد "للدولة العميقة"، ويؤسس "حكومة الظل".

رئيس الشاباك رونين بار/ الأناضول
رئيس الشاباك رونين بار/ الأناضول

وفيما اتهمت أوساط الحكومة بار بخطأ التقييم وفقدان المصداقية، مما قد يشكل خطراً حقيقياً على وجود الدولة، وكل يوم يعزز فيه نفسه في مقعده، يسبب خطراً حقيقياً، فقد دعا عضو الكنيست حانوخ ميلبيتسكي لمحاكمته، لأنه يشكل خطراً حقيقياً على المجتمع والدولة، ويحظى بدعم مسؤولي "الدولة العميقة".

بجانب هذه المواقف السياسية، يخطط الائتلاف الحكومي لسلسلة خطوات قادمة، أهمها الترويج لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في سلوك بار، وإجراء مناقشة حول "التنفيذ الانتقائي" للتسريبات، مع اتساع الفجوات بين نتنياهو و"حراس البوابة"، سواء رئيس الشاباك أو المستشارة القضائية، حيث تبدو فرص التوصل إلى اتفاقات تسوية بينهم معدومة، مما يعني ذهاب الدولة إلى أزمة دستورية، قد تجد طريقها إلى تصفية الحسابات بالتصفية الجسدية.

إفادة بار.. "القنبلة والزلزال"

تزامنت التهديدات الإسرائيلية المتبادلة وصولاً إلى الاغتيال السياسي مع نشر الإفادة الدرامية السرية لـ"بار" أمام المحكمة العليا، الموصوفة بـ"الزلزال"، وجاءت في 31 صفحة، وخمسة ملاحق، وجاء فيها وفق التسريبات:

  • مطالبة نتنياهو له باستخدام صلاحياته لمنع المتظاهرين من الإضرار برموز حكومته.
  • تحذير بار للمستوى السياسي مراراً وتكراراً من هجوم وشيك لحماس من غزة، دون الاستماع له.
  • مطالبة نتنياهو له بالتخلي عن سلطته الشخصية، ومخالفة القانون والمحكمة.
  • دعوته لاستغلال قدرات الجهاز الواسعة النطاق لصالح أجندة نتنياهو الشخصية والحزبية.
  • كشف أسباب إقالته غير المتعلقة بفشله في السابع من أكتوبر، بل بسبب التحقيقات ضد شركاء نتنياهو: سرقة وثائق من الجيش، وتحويلات الأموال لأغراض حزبية وشخصية.
  • مطالبته بمراقبة معارضيه السياسيين، وجمع معلومات عن مصادر تمويل احتجاجاتهم.
  • طلب نتنياهو منه أن يطيعه هو، وليس المحكمة؛ الولاء الشخصي على حساب الدولة، لترويضه.
  • الطلب منه الكذب على المحكمة العليا، وثني سيادة القانون لتلبية احتياجاته الشخصية، واستغلال الجهاز لبقائه سياسياً.
  • المحافظة على علاقات سرية مع دولة معادية من وراء ظهر المؤسسة الأمنية "قطر-غيت".
  • إبعاده عن فريق مفاوضات صفقة التبادل مع حماس، عقاباً له على دعوته لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في فشل السابع من أكتوبر.

تكشف هذه البنود الخطيرة عن الحاجة الماسة إلى التحقيق مع نتنياهو، لأنه يهدد أمن الدولة، ويسعى لتعيين "دمية" بدلاً من بار، الذي شكّلت إفادته جرس إنذار قوي للجمهور، لأنه أظهره مستعداً لحرق كل شيء، بما فيها الهيئات الأمنية الأكثر حساسية وأهمية، لمصالحه الشخصية والعائلية والسياسية.

بل إن رئيس "الشاباك" السابق، يورام كوهين، قدّم أدلة قاطعة على أن نتنياهو طلب منه القيام بأفعال مخالفة للقانون باستخدام وسائله الأمنية الخاصة.

كل ذلك جعل الإسرائيليين أمام معركة طرفاها: نتنياهو وبار، وبغضّ النظر عمن سيبقى واقفاً على قدميه في نهايتها، فإن جميعهم سيخسرون، وبالتالي فإن الأضواء الحمراء لا تُومض فقط، بل تتحطم أيضاً مُحدثة صوتاً مدوياً هائلاً، لأن قراءة الإفادة كافية لجعل العيون تتسع من الدهشة.

صحيح أن جزءاً كبيراً من الاتهامات الموجهة ضده صدرت في السنوات الأخيرة في الفضاء العام، لكن الوضع الآن مختلف تماماً، حيث يتم تقديمها في إفادة مُوقّعة للمحكمة، وتُعتبر شهادة تحت القسم، وكل معلومة فيها بمثابة "قنبلة نووية" تهزّ أسس الرأي العام، وهذا يعني أن بنود الإفادة ترقى إلى جريمة جنائية خطيرة تتطلب التحقيق.

"عائلة إجرامية" يقودها "زعيم مافيا"

لا يتردد الإسرائيليون في اتهام نتنياهو وعائلته بـ"الإجرامية"، ويصفونه بـ"زعيم مافيا، تملك آلة لصنع السموم، وتستخدم البيادق كما يحلو له، ثم ترميها تحت العجلات، وإخضاع موارد الدولة وأجهزة الأمن لمصلحتها، عبر المزايا والهدايا المختفية، والسيارات المدرعة، والتمويل الجنوني للنفقات في كل مساكنها من أجل الرفاهية".

كما اتُّهم نتنياهو بـ"تحويل الشرطة إلى جهاز سياسي، وترويض مراكز القيادة العليا لصالحه"، بما في ذلك حملات الشتائم والتشهير والتحريض ضد رؤساء الأجهزة الأمنية، والطلب من السكرتير العسكري إزالة تسجيلات المحادثات التي يجب توثيقها، وإدارة عملية سرقة مواد سرية من مكتب رئيس الوزراء، وتسريبها لوسائل إعلام أجنبية.

إلى جانب اتهامه بالتسبب بأضرار جسيمة وكبيرة لأجهزة الاستخبارات، والهجوم والتحريض الجامح ضد كل من لا يحبونه، وإلقاء اللوم عليهم، وكل ذلك بهدف ألا يتحمّل نتنياهو مسؤولية فشل السابع من أكتوبر، وقد كان ينبغي محاكمته منذ زمن طويل.

كل هذه التطورات أسفرت عن انتهاك قرارات المحكمة، والهجوم على عرائض الطيارين والمظليين المطالبين بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وكلها مؤشرات على تعميق الانقسامات في الدولة، واتساع رقعة تصدعاتها، وجعلها تخوض رحلة مكثفة مع ظلال عنيفة من الهزيمة، وإثارة الفزع والإحباط، وصولاً إلى المخاوف من اندلاع حرب أهلية بين اليهود أنفسهم، وهي تحذيرات أطلقها إيهود باراك، رئيس الحكومة الأسبق، والقاضي أهارون باراك، رئيس المحكمة العليا السابق.

صحيح أن إفادة بار ضد نتنياهو تشير إلى سلوك إشكالي للغاية، ويبدو أنها اتهام عام قاسٍ ضد نظام مريض، لكنها تطرح جملة مسائل هامة، ومنها: مدى إمكانية تحوّلها إلى تحقيق جنائي، وكيف سيكون رد فعل المحكمة العليا، وما هو الإجراء القانوني الذي يمكن لنتنياهو أن يتخذه، مع أن الخيارات الرئيسية للمحكمة تتراوح بين:

  • قبول التماس بار، والحكم بأن إقالته غير قانونية، وبالتالي غير صالحة.
  • إعادة الأمر للحكومة لاتخاذ القرار "وفقاً للقانون"، وتمريره عبر لجنة التعيينات العليا.

الخيارات القانونية والاستنتاجات السياسية

كشفت الأزمة المتصاعدة في إسرائيل عن إمكانية الوصول إلى ذروتها بوقوع اغتيال سياسي حقيقي، وليس معنوي، مما جعلها تُشكّل خطراً واضحاً وملموساً عليها، وهو ما يقود إلى جملة استنتاجات متوقعة قادمة:

  • اتجاه المحكمة العليا والمستشارة القضائية إلى اتخاذ قرار تاريخي بإعلان عزل نتنياهو، على اعتبار أن إفادة بار تُعدّ لائحة اتهام ضد "دكتاتور في طور التكوين". صحيح أنه لاعب شطرنج ماهر، لكنه لم يتوقع التحركات التي أوصلته إلى موقف لا يملك أي مخرج منه، وبالتالي فإن خياراته الآن تتراوح بين الأسوأ والأكثر سوءاً، وهذه بالتأكيد ليست منطقة الراحة له، ولا يستطيع فيها إدراك مزاياه وقوته، وبالتالي فقد أصبحت الكرة في ملعب القضاء والمستشارة القانونية للحكومة.
  • خيارات نتنياهو محدودة، وتتلخص في خيارين: إما أن يُناقض بار في إفادة مضادة أمام المحكمة، أو يمتنع عن تقديم إفادة مضادة، فإذا رفض، فإن المحكمة ستحدد الوقائع وفقاً للإفادة، بإلغاء قرار إقالته الناجم عن اعتبارات خارجية وصراعات مصالح.
  • صحيح أن نتنياهو ساحر سياسي، ويتقن تدوير الزوايا، لكنه في هذه الحالة، أمام رئيس "الشاباك"، والمستشارة القانونية، والقضاة الأكثر خبرة في المحكمة، وقع في "حظيرة محاصرة"، وبدأت تظهر عليه في الآونة الأخيرة علامات الضيق الواضحة بكثرة، بعد أن تبددت ذرائعه الواهية لإقالة بار.
  • الدخول الأمريكي المتوقع على خط الأزمة الإسرائيلية الداخلية، عقب تسريب محتويات محادثات نتنياهو–ترامب الأخيرة في واشنطن، حيث طلب منه الأخير بعد "استدعائه" إلى البيت الأبيض حلّ مشاكله القانونية والقضائية، بعد أن تأكد له أن تأثيرها سلبي على مجريات القضايا السياسية الخارجية، لا سيما مستقبل الحرب على غزة.

الخلاصة أن نتنياهو يجد نفسه في ورطة، ويومًا بعد يوم يتزايد الخطر حوله، وتتراكم الأضرار عليه، مما يعني إمكانية وصول إسرائيل برمّتها إلى أزمة دستورية، قد تُسفر عن تمزقها، وازدهار الفوضى، وانهيار منظومتها القانونية، وتراجع الثقة في جميع مؤسسات الحكومة إلى مستوى غير مسبوق.

فضلاً عن إمكانية تأثير هذه الأزمة خارجياً، لا سيما على صعيد العدوان الجاري على غزة، من حيث الدفع باتجاه كبح جماحه، والاستجابة لإبرام هدنة مؤقتة أو وقف كامل له، وهو أمر منوط بمدى قدرة ترامب على الضغط على نتنياهو من جهة.

لكن التأثير الداخلي، المتصاعد بوتيرة غير مسبوقة، قد يدفع نحو اتخاذ خطوات مفاجئة، تأكيداً لمقولة هنري كيسنجر التاريخية أن "إسرائيل لا تمتلك سياسة خارجية، بل سياسة داخلية تؤثر على الأولى".

أخبار ذات صلة

0 تعليق