أدينت نادين مينينديز، زوجة السناتور الأمريكي السابق بوب مينينديز، الاثنين 21 أبريل/نيسان 2025، بتهمة قبول رشاوى تقدر بمئات الآلاف من الدولارات مقابل تقديم زوجها خدمات لمصر ورجلي أعمال من ولاية نيوجيرسي.
وخلصت محكمة إلى أن نادين (58 عاماً) مذنبة في كل التهم وعددها 15، ومنها الرشوة، والاحتيال، والتآمر لتوظيف موظف حكومي كعميل أجنبي. وكانت قد دفعت ببراءتها.
ومن المقرر أن يصدر سيدني شتاين، قاضي المحكمة الجزئية الأمريكي، الحكم على نادين في مانهاتن في وقت لاحق.
كانت محكمة قد عاقبت بوب مينينديز، الديمقراطي، الذي مثل نيوجيرسي لمدة 18 عاماً ونصف العام، بالسجن 11 عاماً في يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال ماثيو بودولسكي، القائم بأعمال المدعي العام الأمريكي في مانهاتن، في بيان عقب صدور الحكم: "شاركت نادين مينينديز والسناتور مينينديز في جريمة. معاً، وضعت نادين مينينديز والسناتور مصالحهما الشخصية وجشعهما فوق مصالح المواطنين الذين انتُخب السناتور لخدمتهم".

من هو بوب مينينديز؟
شغل مينينديز منصب عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية نيوجيرسي منذ عام 2006.
وكان أعلى عضو ديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية القوية بمجلس الشيوخ لأكثر من خمس سنوات، وهو المنصب الذي منحه نفوذاً كبيراً على السياسة الخارجية الأمريكية.
وهو ابن مهاجرين كوبيين، ويعد من أبرز المشرعين اللاتينيين في الكونغرس، وكان مدافعاً صريحاً عن سياسة الهجرة.
وسبق أن واجه مينينديز اتهامات فساد فيدرالية. وحوكم عام 2017، حيث زعمت وزارة العدل أنه قدم خدمات سياسية لطبيب عيون ثري من فلوريدا مقابل عطلات فاخرة وهدايا فاخرة أخرى.
لكن تلك القضية انتهت بمحاكمة باطلة بعد تبرئته من بعض التهم، ولم يتمكن المحلفون من التوصل إلى حكم بالإجماع.
ما هي التهم التي وجهت لمينينديز وما علاقة مصر؟
في سبتمبر/أيلول 2023، اتهم ممثلو الادعاء بوزارة العدل الأمريكية مينينديز وزوجته نادين بالمشاركة في مخطط واسع النطاق لمساعدة الحكومة المصرية سراً.
وقالوا إن عملية بحث أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي في عام 2022 في منزل الزوجين في نيوجيرسي كشفت عن "ثمار" "اتفاقية رشوة فاسدة" – بما في ذلك سبائك ذهب تزيد قيمتها عن 100 ألف دولار، ومئات الآلاف من الدولارات نقداً في مظاريف أو مخبأة في الملابس.
كما عثر المحققون على هدايا أخرى، بما في ذلك سيارة مرسيدس بنز فاخرة في المرآب ومجموعة من أثاث المنزل.
وتزعم الحكومة أن مينينديز استغل منصبه في واشنطن لكسر الحظر المفروض على المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، فضلاً عن تعزيز المصالح التجارية لشركائه والتدخل في محاكماتهم الجنائية.
وفي لائحة اتهام إضافية صدرت بعد شهر واحد، اتهم الادعاء العام السيناتور بتقديم معلومات أمريكية حساسة لمساعدة الحكومة المصرية.
كما وصف المدعون العامون سعي رجل الأعمال المصري الأمريكي، وائل حنا، للحصول على مساعدة مينينديز في تسوية نزاع أمريكي مصري خلال تلك الفترة. فبعد إصابة سائح أمريكي بجروح خطيرة في هجوم عسكري مصري بالخطأ عام 2015، تردد بعض أعضاء الكونغرس في منح مساعدات عسكرية معينة لمصر، وفقاً للائحة الاتهام.
وفي المجمل، واجه مينينديز 18 تهمة جنائية، بما في ذلك الرشوة، والابتزاز، والاحتيال الإلكتروني، وعرقلة العدالة، والعمل كعميل أجنبي.
وقد نفى كافة التهم ووصفها بأنها "تخمينات لا أساس لها من الصحة" و"اضطهاد" بدوافع عنصرية.

ما هي التهم التي وجهت لزوجته؟
شهدت لائحة الاتهام الأولية في سبتمبر/أيلول أيضاً اتهامات بالرشوة وعرقلة العدالة ضد زوجة مينينديز، نادين.
وهي لاجئة أرمنية من الحرب الأهلية اللبنانية، وتزوجت من السيناتور في عام 2020.
ووجه الادعاء العام لنادين تهم الرشوة وعرقلة العدالة، موضحاً دورها المزعوم في تعريف زوجها برجل الأعمال المصري وائل حنا الذي يتولى إدارة شركة لإصدار شهادات الأطعمة الحلال.
ودفعت ببراءتها من التهم المنسوبة إليها، وبعد إخطار المحكمة بوجود "حالة طبية خطيرة" تتطلب إجراء عملية جراحية وأسابيع للتعافي، تم منحها محاكمة منفصلة.
وقال ممثلو الادعاء إن حنا رتب لقاءات بين السناتور ومسؤولين مصريين ضغطوا عليه للموافقة على مساعدات عسكرية.
وأوضح الادعاء أن رجل الأعمال وضع نادين مينينديز مقابل ذلك في قائمة الرواتب في الشركة التي كان يسيطر عليها.
وأضاف الادعاء أن حنا ونادين نقلا طلبات وتوجيهات من مسؤولين مصريين إلى السناتور السابق.
من هو وائل حنا وما علاقته بقضية رشاوى مصر؟
حنا (42 عاماً) هو رجل أعمال مصري وصل إلى أمريكا عبر نظام قرعة التأشيرة في العام 2006 بينما كان يبلغ من العمر 22 عاماً، وبدأ العمل في شركة تنظيف والتحق بفصول تعلم اللغة الإنجليزية.
وأعقب ذلك، ظهور نشاطه تجاري، حيث أنشأ شركة للنقل بالشاحنات تسمى "Elmanhry LLC"، وهي الأولى في قائمة طويلة من الشركات التي ظهرت تحت اسمه.
كما أشارت تقارير أمريكية إلى أنه اشترى منزلاً في بايون بولاية نيوجيرسي مقابل 450 ألف دولار من بائع كان يرتاد نفس الكنيسة المصرية التي كان يرتادها.
التقارير أفادت أنه قبل خمس سنوات فقط، كان حنا يعاني من فشل سلسلة صفقات تجارية في نيوجيرسي، بعد أن حاول إنشاء موقف للشاحنات، ومطعم إيطالي، وخدمة "ليموزين"، وشركات أخرى دون أن يحقق نجاحاً.
وبعد ذلك، بدأت صديقته نادين بمواعدة السيناتور بوب مينينديز من نيوجيرسي، وهو أحد أقوى الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي. وسرعان ما قدّم حنا، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى دائرة متنامية من المسؤولين المصريين.
" frameborder="0">
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فقد اتخذت حظوظ حنا منعطفاً ملحوظاً، فقد حصل على عقد احتكار للتصديق على جميع الأطعمة "الحلال" التي يتم استيرادها إلى مصر. وقال ممثلو الادعاء، وفقاً للصحيفة، إنه حصل على ما يكفي من المال لرشوة مينينديز بسبائك الذهب وكميات كبيرة من النقود.
وقالت نيويورك تايمز إنه في غضون بضع سنوات، تحوّل حنا من رجل أعمال مثقل بالديون لا يستطيع حتى دفع فاتورة غرفة الطوارئ بقيمة 2000 دولار، إلى وسيط قوة دولي يتفاخر بمجموعته من ساعات رولكس أمام دبلوماسيين في القاهرة.
وقال ممثلو الادعاء إن حنا رتب لتنظيم حفلات عشاء واجتماعات بين مينينديز ومسؤولين مصريين في عام 2018، ضغط خلالها المسؤولون على السيناتور الأمريكي بشأن وضع المساعدات العسكرية الأمريكية.
وكانت مصر في ذلك الوقت واحدة من أكبر الدول المستفيدة من المساعدات العسكرية الأمريكية، لكن وزارة الخارجية حجبت 195 مليون دولار في عام 2017، وألغت مساعدات إضافيةً قدرها 65.7 مليون دولار حتى يطرأ تحسن في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر.
وأضاف ممثلو الادعاء أن الحكومة المصرية منحت في عام 2019، إحدى شركات حنا ترخيصاً حصرياً لتصدير الأغذية الحلال من الولايات المتحدة إلى مصر، على الرغم من افتقارها إلى الخبرة في شهادات الأغذية الحلال، واستخدم حنا عوائد تلك الصادرات لدفع الرشى، بحسب لائحة الاتهام، فيما ضغط مينينديز من جانبه على وزارة الزراعة الأمريكية لعدم التدخل في احتكار شركة حنا لإصدار شهادات الأطعمة الحلال.
هل تواصل مينينديز مع مسئولين مصريين؟
ذكرت تقارير في سبتمبر/أيلول 2023 أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي حقق فيما إذا كانت أجهزة المخابرات المصرية قد تورطت بالفعل في مخطط الرشوة المزعوم للسيناتور مينينديز وزوجته.
ووفقاً لتقارير سابقة، فقد أدلت مساعدة كبيرة سابقة للسيناتور الأمريكي مينينديز بشهادتها حول سلوك السيناتور "غير المعتاد" تجاه مصر خلال الفترة التي قال ممثلو الادعاء إن السيناتور كان يتلقى خلالها رشاوى لمساعدة البلاد في الحصول على مساعدات عسكرية.
ونقلت مجلة بوليتيكو الأمريكية عن سارة أركين، وهي مساعدة عملت لدى مينينديز قبل وأثناء رئاستة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إنها كانت تشارك عادة في الاجتماعات التي كان يعقدها السيناتور مع المسؤولين الأجانب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لكنها بدأت تدرك أن السيناتور كان يجري محادثات مع مسؤولين مصريين لم تكن على علم بها.
وقالت أركين، خلال إحدى جلسات محاكمة مينينديز في يونيو/حزيران 2024، إن السيناتور أخبرها في عام 2019 أنه يريد أن يكون أقل انتقاداً لمصر وأن يركز جهوده على بذل المزيد خلال المحادثات الخاصة.
وقد تزامنت تصريحات السيناتور أنذاك مع رسالة صاغتها أركين وكانت بحاجة لتوقيع السيناتور، والتي كانت ستحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على احترام حقوق الإنسان والوفاء بتعهده بترك منصبه بعد فترة ولاية ثانية في عام 2022.
وتتعلق إحدى الحوادث التي قدمت أركين شهادة بشأنها أيضاً بما حدث في مارس/آذار 2018، عندما سلم السيناتور موظفاً آخر رسالة وجه خلالها الدعوة لرجلين لزيارة مكتبه. وكانت الدعوة موجهة إلى الملحق العسكري المصري في واشنطن اللواء خالد شوقي، ووائل حنا.
ووصفت أركين مسودة الدعوة المكتوبة بخط اليد بأنها كانت خطوة "غير اعتيادية".
وبحسب بوليتيكو، فقد أحاطت أركين أيضاً بتفاصيل الاتصالات التي كانت تتم بين السيناتور والمسؤولين المصريين دون علمها.

وفي مرحلة ما، كان رئيس جهاز المخابرات المصري، عباس كامل، يكتب لمينينديز رسالة تبدأ بعبارة "عزيزي بوب"، والتي شهدت أركين بأنها كانت بمثابة تحية غير عادية ترد في رسالة موجهة إلى عضو مجلس الشيوخ من مسؤول أجنبي.
وبينما كان مكتب السيناتور يخطط للقيام برحلة إلى البلاد في خريف عام 2021، اعتقد موظف آخر في مكتب مينينديز أيضاً أن شيئاً غريباً يحدث.
وأرسل الموظف داميان ميرفي رسالة نصية إلى أركين قال فيها: "كل هذه الأشياء المتعلقة بمصر غريبة جداً، لم أر شيئاً مثل ذلك من قبل".
على سبيل المثال، قالت أركين إن مينينديز طلب من موظفيه أن يطلبوا من ضابط مخابرات مصري يعمل في سفارة البلاد في واشنطن المساعدة في التخطيط للرحلة الرسمية لمجلس الشيوخ إلى مصر، وهي الرحلات التي تخطط لها عادة وزارة الخارجية الأمريكية.
وكانت ضابطة المخابرات المصرية، مي عبد المجيد، تجري أيضاً تبادلاً نصياً مستمراً مع نادين مينينديز تطرق إلى صالونات تصفيف الشعر والمصالح المصرية في السياسة الخارجية الأمريكية، وفقاً للرسائل النصية التي قدمها الادعاء.
فيما نسقت كلاً من الضابطة مي ونادين تفاصيل زيارة اللواء عباس كامل إلى واشنطن في يونيو/حزيران 2021. وحثّت عبد المجيد عائلة ميندينيز على زيارة مصر. وأبلغت مي مينينديز أن رؤساءها "حريصون على لقاء" النائب غريغوري دبليو ميكس، وهو ديمقراطي من نيويورك، يتمتع، بصفته العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بنفوذ كبير على تخصيص المساعدات العسكرية الخارجية.
كيف لعبت الرسائل النصية دوراً في كشف تفاصيل قضية مينينديز؟
قالت مجلة ذا هيل الأمريكية، نقلاً عن المدعين الفيدراليين الأمريكيين، إن السيناتور مينينديز طلب من زوجته عدم استخدام الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني للاستفسار عن المدفوعات المتأخرة من وائل حنا.
وبنى المدعون الفيدراليون جزءاً كبيراً من قضيتهم ضد مينينديز على الرسائل النصية المتبادلة بين السيناتور وزوجته نادين وبقية المتهمين.
Nadine Menendez — wife of ex-Sen. 'Gold Bar' Bob Menendez –convicted of sprawling bribery scheme https://t.co/AwMw77YGya pic.twitter.com/Knz2n5GyWl— New York Post Metro (@nypmetro) April 21, 2025
وشملت أكثر التفاصيل إدانةً عدة رسائل نصية بعثت بها نادين إلى زوجها لتشتكي من عدم تسلم المدفوعات من حنا.
وكتبت نادين في الرسالة النصية إلى زوجها، اعتراضاً على تأخر المدفوعات من حنا: "أنا غاضبة للغاااااااية".
كما كتبت نادين خلال رسالة نصية: "لقد ظننت أنه سيحترم كلمته ولو لمرةٍ على الأقل بعد كل ما حدث، خاصةً في يوم السبت وفي ذلك الأسبوع [تشير إلى اجتماع مينينديز مع مسؤولين مصريين بارزين]. لا أعرف ما إذا كان يجب علي مراسلة فريد دعبس [متهم آخر] أم الانتظار. ماذا يجب أن أفعل؟". فأجابها السيناتور قائلاً: "يجب ألا تستخدمي الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني".
ووردت تفاصيل المراسلات في لائحة اتهام من 39 صفحة قدمها الادعاء ضد مينينديز، وزوجته، وحنا.
وزعمت لائحة الاتهام أن مينينديز حذف الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني من هاتف زوجته حتى يخفي أدلة الإدانة.
0 تعليق