مافيا المفرقعات في مصر تنتصر مرة أخرىحملات الحكومة.. مصادر: تنتشر في الأعياد ويتم تهريبها عبر حاويات قادمة من الصين - بلد نيوز

عربى بوست 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قبل بدء عيد الفطر، انتشرت أكشاك وفاترينات بيع الشماريخ والصواريخ، أو ما يُعرف قديماً في مصر باسم "بومب العيد"، غير أن اللافت هذا العام هو تعدد أنواع الشماريخ التي يصل ثمنها إلى 800 جنيه مصري، أي ما يقرب من 16 دولاراً.
وانتشرت مجموعات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تقوم ببيع الشماريخ بشكل علني، والأكثر من ذلك إتاحتها على متاجر البيع الإلكتروني، التي تقوم بتوصيلها إلى المنازل، وهو ما يُؤشر على أن جهود ضبطها باءت بالفشل مع التوسع في تصنيعها محلياً.

القانون حظرها وحجم تجارتها سنوياً 24 مليار جنيه

قال صاحب أحد محال بيع لعب الأطفال والهدايا، وهو يعرض بيع الشماريخ بكميات كبيرة بمنطقة عين شمس في العاصمة المصرية، إن موسم بيع الشماريخ والصواريخ لم ينقطع تقريباً منذ العام الماضي، أي منذ عيد الأضحى.
وأضاف المتحدث أن هناك إقبالاً على شراء أنواع مختلفة من المفرقعات بشكل مستمر، بعكس ما كان يحدث من قبل، إذ كان التركيز ينصب على المواسم والأعياد، كما أن حملات التفتيش لم يعد لها أثر تقريباً، وأضحى تواجد الشماريخ أمراً عادياً، بعد أن كانت المحال، تحديداً في الشوارع الرئيسية، تخشى عرضها.

وأشار إلى أن أسعار الشماريخ شهدت العام الماضي زيادة قدرها 30%، وهناك أنواع وصل سعرها إلى 800 جنيه، وتُستخدم في مباريات كرة القدم والأفراح المفتوحة، وهذا العام ليس هناك زيادة تُذكر في أسعارها.
وقال إن الأسعار تبدأ من 10 جنيهات بالنسبة لعلبة الديناميت الصغيرة، أما الأنواع الأكثر انتشاراً فتتراوح أسعارها بين 100 و300 جنيه، مثل "التورتة والنافورة النارية والبازوكا"، وهي مفرقعات يتزايد الإقبال عليها من المراهقين، مشيراً إلى أن الأطفال الصغار أصبحوا أكثر تفاعلاً مع هذه الألعاب في الوقت الحالي.

وأضاف أن محله يعتمد بشكل أساسي على الربح من بيع الشماريخ والمفرقعات، خاصة في أيام العيد، التي تصل فيها الأرباح إلى 500% في بعض الأحيان، ومع تراجع الحملات الأمنية أصبح من الطبيعي انتشارها على نطاق واسع.
مشيراً إلى أن أحد أسباب انتشارها يتعلق بالتوسع في ما يمكن تسميته بقاعات الأفراح الشعبية، وتلك لا تخضع لرقابة جهات حكومية في الأغلب، وبعد أن كان الأمر يقتصر على قاعات تتبع هيئات حكومية، أصبح لا يكاد يمر فرح أو مناسبة دون استخدامها، وهو ما جعل هناك استدامة في عملية البيع طوال العام، دون الارتباط بمواسم بعينها.

وكشف أن الشماريخ يتم توريدها من خلال بعض الموزعين الذين يقومون بنقلها من تجار الجملة في منطقة الموسكي والعتبة بوسط القاهرة إلى الأحياء الشعبية، أو من خلال التعامل المباشر مع هؤلاء الموزعين، وكذلك التواصل مع صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تقوم ببيعها وتوصيلها.
وأضاف المتحدث: "تكلفة النقل دائماً ما تكون مرتفعة في حال الاعتماد على الموزعين، لأن هناك خطورة على من يقوم بنقلها في حال إلقاء القبض عليه، وبالتالي فإن غالبية المحال تعتمد على من يقومون بتوصيلها إليهم".

وعلى الرغم من أن القانون حظرها بموجب القانون رقم 12 لسنة 1977، الذي تم تنفيذه عام 2009، (استيراد وبيع هذه الصواريخ)، فإن تقديرات اقتصادية تشير إلى أن حجم تجارتها سنوياً يبلغ نحو 24 مليار جنيه.
ونص قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 على أن: "يُعاقب بالسجن المؤبد كل من أحرز أو حاز أو استورد أو صنع مفرقعات أو مواد متفجرة أو ما في حكمها قبل الحصول على ترخيص بذلك، وتكون العقوبة الإعدام إذا وقعت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي".

تواصل تهريب الشماريخ عبر الجمارك

يُعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد، كل من أحرز أو حاز أو استورد أو صنع، بغير مسوغ، أجهزة أو آلات أو أدوات تُستخدم في صنع المفرقعات، أو المواد المتفجرة أو ما في حكمها، أو في تفجيرها، ويُعتبر في حكم المفرقعات أو المواد المتفجرة كل مادة تدخل في تركيبها، ويصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية.
وحدد قرار وزير الداخلية رقم 1872 لسنة 2004، المواد التي تُعد من المفرقعات، والتي تضمنت البارود الأسود وبعض المواد الأخرى، التي تُستخدم في صناعة "البومب والصواريخ والشماريخ" وجميع الألعاب النارية الأخرى.

وبحسب مصدر مطلع بشعبة لعب الأطفال والهدايا التابعة للغرفة التجارية، فإن انتشار صفحات على مواقع التواصل لبيع الشماريخ يرتبط مباشرة بمناطق يتم فيها تصنيع "البومب" وغيرها من أنواع المفرقعات داخل محافظات نائية وبعض المناطق الشعبية في القاهرة والجيزة، ويتم توصيلها إلى تجار التجزئة. كما أن هذه الصفحات لديها تواصل مع بعض مهربي الشماريخ عبر الجمارك، ما يجعل هناك تجار جملة إلكترونيين.

وأضاف أن عمليات التوزيع تتم بالقرب من محطات المترو إلى موزعين، وهؤلاء بدورهم يقومون بنقلها إلى المحلات، لافتاً إلى أن فترات المواسم يتم فيها زيادة الضغط على "الديناميت والنافورة والبازوكا"، فيما تعتمد التجارة بشكل أكبر على شماريخ الأفراح، مثل خزانات الدخان وقنابل الدخان التي تحمل أسماء "هواوي" و"نابولي" وما يُعرف باسم "هاندات سليفر"، وتتراوح أسعارها بين 100 و600 جنيه.

وأشار المتحدث في تصريحه لـ"عربي بوست" إلى أن الصفحات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي غطّت على بائعي الجملة في منطقة العتبة، لأن أصحاب المحال يخشون من إلقاء القبض عليهم أثناء نقلها.
وذكر أن بعض الشماريخ تأتي من الخارج بشكل قانوني، إذ يتم تسجيلها على أساس أنها لعب أطفال، وهو ما يشير إلى وجود مستفيدين من عملية إدخالها، وهناك أطراف عديدة لديها مصلحة في توسيع تجارتها، بدءاً من المهربين ومروراً بمن يسهلون عملية التهريب وتسليمها إلى تجار الجملة والتجزئة.

وتشكل الألعاب النارية و"البومب" خطراً وضرراً كبيراً، وتُسبب إصابات خطيرة للأطفال، كما أنها أحد أسباب اشتعال الحرائق، وأغلب هذه الألعاب تدخل مهربة عبر منفذ بورسعيد والعين السخنة الجمركيين، تحت بند لعب أطفال. وتطفو على السطح في مثل هذه الأوقات مطالبات بتغليظ عقوبة تهريب واستخدام بعض الشماريخ والصواريخ عقب انتشارها بشكل كبير.

ملايين الأطنان من المفرقعات تنتشر في ربوع مصر

وقال مصدر أمني مطلع إن هناك حملات مشددة وتنسيقاً مع ضباط المباحث على مستوى الجمهورية منذ بداية شهر رمضان لضبط تجار الجملة والتجزئة من بائعي الألعاب النارية والشماريخ التي تشكل خطورة على مستخدميها والمواطنين في الشارع. وأضاف أن هناك خطة أمنية لحصار التجار، وقد تم ضبط 9 ورش تصنيع، والمضبوطات بلغت أكثر من 60 مليون قطعة، كما تم ضبط 1300 قضية بإجمالي 1339 متهماً.

وأوضح أن ملايين الأطنان من المفرقعات التي تنتشر في مصر تأتي عن طريقين: إما عبر الورش البدائية في المحافظات، حيث تُستخدم بودرة البارود والكبريت والفحم والألومنيوم والحديد والزنك وبعض الورق المقوى، أو أنها تُهرَّب من الخارج، وغالباً ما تأتي من الصين، ولا يتم ضبط سوى 10% من الكميات الواردة بشكل مستمر.

وأشار إلى أنه بالنسبة للمصانع المحلية، فإن أغلبها يوجد في محافظة الفيوم، وأن الأجهزة الأمنية تعتاد نصب كمائن عند الكيلو 4 ونصف قبل القاهرة لضبط كميات كبيرة منها. ويتم تصنيعها غالباً من مواد مستخرجة من مخلفات الحروب، حيث تصل إلى أشخاص قد يكونون عملوا سابقاً في أجهزة أمنية، ولديهم معرفة بطريقة تفكيك هذه المخلفات واستخراج مادة "تي إن تي" منها، وهي مادة شديدة الانفجار، ولكن يتم استخدام كميات قليلة منها في الديناميت و"البومب".

وأوضح أن صناعة الشماريخ لا تحتاج إلى متخصصين، ويقوم بها غالباً شباب يعرفون كيفية تجميع المواد المستخدمة في "البومب"، كما أن هناك فيديوهات منتشرة على المنصات الرقمية تشرح كيفية صناعة الشماريخ و"البومب". وفي الأغلب، يتم التصنيع داخل منازل موجودة في قرى ونجوع يصعب الوصول إليها من قِبَل الأجهزة الأمنية التي تسعى لضبطها قبل أن تصل إلى العاصمة القاهرة.

وبالنسبة للشماريخ المستوردة من الخارج، يؤكد المصدر ذاته أنها تأتي في حاويات مهربة من الصين، ورغم أن حيازتها أو الاتجار بها مجرَّم أيضاً في الصين، فإنها تجد طريقها إلى حاويات تصل إلى مصر، غالباً ضمن شحنات مواد تصنيع السيراميك أو مواد تدخل في صناعة حديد التسليح، حيث يتم إخفاء الشماريخ داخل حاوية أو اثنتين ضمن مئات الحاويات التي تصل، وبالتالي تبقى معدلات ضبطها قليلة، وتحتاج إلى معلومات مسبقة بشأن محتويات الشحنة على وجه الدقة.

وأشار إلى أن الموانئ المصرية تعج يومياً بمئات الشاحنات والحاويات، ويصعب إجراء تفتيش تفصيلي لها، إذ قد يترتب على ذلك تأخير دخولها. وفي فترات حظر الاستيراد وتكدس الشاحنات في الموانئ خلال العامين الماضيين، كان هناك اعتماد على الكميات الموجودة في الداخل التي لم يتم استهلاكها، إلى جانب التصنيع المحلي. وأوضح أن الاعتماد الأكبر يبقى على الشحنات المهربة من الخارج، حيث تحقق مكاسب لتجار الجملة تصل إلى أكثر من 2000%، أي أنها تحقق أرباحاً تفوق أرباح تجارة المخدرات.

وذكر أن وصول آلاف الشحنات الواردة من الصين، والتي تتعلق بلعب الأطفال ومستلزمات أعياد الميلاد، يسهل من خلاله أيضاً تهريب شحنات الشماريخ. وأشار إلى أن مركز تجميعها بعد دخولها يكون في منطقة العتبة، ومنها توزع إلى باقي المحافظات، لافتاً إلى أن أنظمة التفتيش اليدوية التي لا تزال موجودة في ميناء بورسعيد تحديداً تجعل مسألة التهريب أمراً معتاداً، وتحتاج إلى تواصل استخباراتي مسبق من خلال مصادر سرية يمكنها التنبيه إلى احتمالات وجود كميات مهربة.

وأكد أن تجار التجزئة هم غالباً من يكون الوصول إليهم سهلاً، ويتم ضبط الشماريخ التي يبيعونها، غير أن ذلك لا يحدّ من انتشار المفرقعات. وأشار إلى أن التجار قد يحصلون على أحكام بالسجن المشدد، لكن في الأغلب يقتصر الأمر على دفع غرامة تتراوح بين 500 و1000 جنيه لحيازة هذه المفرقعات، التي يستخدمها قطاع ليس بالقليل من المصريين، وتحديداً الأطفال والشباب.

وأشارت دراسة سابقة، أُعِدّت في عام 2010، إلى أن الدخان المنبعث من الألعاب النارية يضر مرضى الربو ومرضى القلب والأوعية الدموية، كما يتسبب في أضرار لمنطقة العين، وقد يؤدي إلى حروق في الجفن، أو تمزق، أو انفصال في الشبكية، مما قد يؤدي إلى فقدان كلي للبصر. كما تُعتبر من أسباب التلوث الكيميائي والفيزيائي، ويُعدّ الأطفال والمراهقون أكثر الفئات العمرية تعرضاً لهذه الألعاب، حيث تتسبب لهم في الحرائق والتشوهات المختلفة، التي قد تكون خطيرة في أغلب الأحيان.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق