تستضيف سلطنة عُمان، السبت 12 أبريل/نيسان 2025، المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن البرنامج النووي الإيراني بمشاركة مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ووزير خارجية طهران عباس عراقجي.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أعلن بشكل فاجأ ضيفه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، الإثنين الماضي، عن إجراء محادثات وصفها بالـ"مباشرة" مع إيران، فيما أكدت طهران أن المفاوضات الأمريكية الإيرانية ستكون غير مباشرة بوساطة من وزير الخارجية العُماني، بدر البوسعيدي.
وتأتي المفاوضات الأمريكية الإيرانية في وقت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط توترات بالغة، حيث استأنفت إسرائيل حربها المدمرة على غزة بعدما رفضت المضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، وتشهد المنطقة تعزيزات عسكرية أمريكية فسرها البعض بأنها رسالة إلى طهران.
ونقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤول إسرائيلي كبير قبل أيام من زيارة نتنياهو إلى واشنطن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعتقد أن فرص التوصل إلى اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران منخفضة للغاية، ويريد التوصل إلى تفاهم مع ترامب بشأن ضرب المنشآت النووية الإيرانية مع فشل الجهود الدبلوماسية.

ومع ذلك، قال ترامب، الذي انسحب خلال ولايته الرئاسية الأولى من الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، إن بلاده بدأت "محادثات مباشرة" مع إيران بشأن برنامجها النووي، وأن "التوصل إلى اتفاق مع إيران يُعد خياراً مفضلاً للجميع"، موضحاً أن طهران ستكون "في خطر كبير" إذا فشلت في التوصل إلى اتفاق.
فيما قالت وزارة الخارجية الإيرانية، الجمعة، إنها ستمنح المفاوضات الأمريكية الإيرانية "فرصة حقيقية"، وذلك بعدما هدد ترامب بقصفها إذا فشلت المحادثات. وأضافت أن على أمريكا أن تقدر قرار طهران الانخراط في المحادثات رغم "دعايتهم العدائية الدائمة".
ما هي أبرز ملفات المفاوضات الأمريكية الإيرانية؟
صرّح ترامب مراراً وتكراراً بأنه يسعى إلى عقد اتفاق "أفضل" من خطة العمل الشاملة المشتركة، مع أن إيران رفضت حتى الآن إعادة التفاوض على الاتفاق.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، إن ترامب يريد "التفكيك الكامل" للبرنامج النووي الإيراني، مضيفاً: "هذا هو التخصيب، وهذا هو التسليح، وهذا هو برنامج الصواريخ الاستراتيجي.
يأتي ذلك بينما كشفت مصادر إيرانية متطابقة لـ"عربي بوست، أن هناك ثلاث ملفات رئيسية ستكون على طاولة المفاوضات الإيرانية الأمريكية.
وأوضحت المصادر أن الملفات الثلاثة هي:
- الملف النووي
- الملف الإقليمي "علاقة إيران بمحور المقاومة"
- ملف الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية
وقال حسن أحمديان، الأكاديمي الإيراني في جامعة طهران، والقريب من دوائر صنع القرار بالحكومة الإيرانية، إن المفاوضات التي يريد الأمريكان طرحها تدور حول ثلاثة ملفات رئيسية، لكن إيران أوضحت في ردها الذي أرسلته إلى ترامب رداً على رسالته التي بعث بها إلى طهران في وقت سابق، أنها لن تدخل في أي مفاوضات سوى تلك المتعلقة بالملف النووي.
في حين قال باقر صالحي، الباحث الإيراني في الشؤون الأمنية والاستراتيجية والمقرب من الحرس الثوري الإيراني: "تنقسم الملفات التي لا ترغب إيران بالتفاوض حولها إلى ثلاثة محاور رئيسية: القضية الصاروخية وكذلك القوة الدفاعية بشكل كامل، بالإضافة إلى محور المقاومة الذي أكد المرشد الأعلى علي خامنئي أنه لا يشكل جزءًا من أجندة إيران التفاوضية مع الغرب، على الرغم من دعم إيران له".
أما فيما يخص الملف الدفاعي الإيراني، فإن تركيز الولايات المتحدة ينصب على تكنولوجيا الطائرات المسيّرة والصواريخ. مضيفاً: "إيران تود فصل هذه القوى عن نفسها حتى تفاوض على أريحية أكبر، أما بالنسبة للموضوع الذي تريد إيران مناقشته فهو الحظر الاقتصادي والطاقة النووية، وهو ملف يرتبط بالمسار النووي".

ما هو موقف القوى الأوروبية من المفاوضات الأمريكية الإيرانية؟
قال دبلوماسيون أوروبيون إن قرار واشنطن عدم التنسيق مع الدول الأوروبية بشأن مفاوضات أمريكا مع إيران سيقلل من نفوذها في التفاوض، وسيزيد في نهاية المطاف من احتمال إقدام الولايات المتحدة وإسرائيل على تنفيذ عمل عسكري ضد طهران.
ونقلت وكالة رويترز عن ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين أن الولايات المتحدة لم تُطلع الدول الأوروبية على المحادثات النووية المقررة في سلطنة عُمان قبل أن يعلنها ترامب، على الرغم من أنها تحمل ورقة رابحة تتمثل في احتمال إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على الجمهورية الإسلامية.
واتفق محللون مع ما ذكره دبلوماسيون أوروبيون.
وقال بليز ميستال، نائب رئيس السياسات في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي: "ستحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية دبلوماسية منسقة مع حلفائها الأوروبيين قبل خوض هذه المفاوضات مع إيران".
وأضاف ميستال أن هذا التنسيق "ضروري لضمان أقصى قدر من الضغط، وأن يكون لأي خيار دبلوماسي فرصة للنجاح". ويشتبه الغرب في سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران.
وقال الدبلوماسيون إن التهديد بإعادة فرض العقوبات يهدف إلى الضغط على إيران لتقديم تنازلات، لكن لم تُجرَ بعد مناقشات مفصلة حول هذه الاستراتيجية. وبسبب انسحابها من الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 مع إيران، فإن واشنطن لا تستطيع تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات بمجلس الأمن الدولي.

وقال محللون إن هذا يجعل بريطانيا وألمانيا وفرنسا، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، الدول الوحيدة المشاركة في الاتفاق القادرة على السعي إلى إعادة فرض العقوبات والراغبة في ذلك، مما يجعل تحالف واشنطن مع هذه الدول مهماً. وضغطت إسرائيل بالفعل على الدول الأوروبية الثلاث لبدء هذه العملية.
وقال الدبلوماسيون الثلاث إن الترويكا أبلغت إيران بأنها ستفعل آلية إعادة فرض العقوبات بحلول نهاية يونيو/حزيران.
وأضاف الدبلوماسيون أن إيران ردت بأن ذلك سيؤدي إلى عواقب وخيمة ومراجعة عقيدتها النووية. وقال دبلوماسي أوروبي كبير إن "الترويكا لا تثق بالولايات المتحدة لأنها تتخذ مبادرات دون التشاور معها".
وعقد مسؤولون أوروبيون بعض الاجتماعات مع نظرائهم الأمريكيين، لكنهم قالوا إنها لم تكن متعمقة بما يكفي. وذكر ثلاثة مسؤولين من الترويكا أنه كان من الصعب حتى ترتيب اجتماع بشأن إيران مع وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (الناتو) قبل أسبوع من إعلان ترامب. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية: "ما زلنا ملتزمين باتخاذ كل خطوة دبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، ومنها آلية إعادة فرض العقوبات إذا اقتضت الحاجة".
وذكر وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأربعاء، باقتضاب أن الفرنسيين "يتابعون المحادثات باهتمام".
ما هي آلية فرض العقوبات على طهران؟
بموجب اتفاق 2015، هناك عملية تُعرف باسم "العودة السريعة" تعيد بها الأمم المتحدة فرض العقوبات على إيران.
وإذا لم تتمكن الأطراف من حسم اتهامات "التقاعس الكبير لإيران عن الأداء"، يمكن تفعيل هذه العملية في مجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 عضواً.
وبمجرد بدء العملية، يتعين أن يصوت مجلس الأمن في غضون 30 يوماً على قرار لمواصلة رفع العقوبات عن إيران، ويتطلب ذلك تسعة أصوات مؤيدة وعدم استخدام الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أو بريطانيا أو فرنسا لحق النقض (الفيتو) لاعتماد القرار.
وإذا لم يتم اعتماد القرار، فسيتم إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران ما لم يتخذ مجلس الأمن إجراءات أخرى.
وعلى الرغم من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، قالت الولايات المتحدة في أغسطس/آب 2020 إنها دشنت عملية إعادة فرض العقوبات، بحجة أن بإمكانها ذلك لأن قرار 2015 ما زال يعتبرها مشاركاً.
لكن جميع الأطراف الآخرين في الاتفاق، إيران وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، أبلغوا مجلس الأمن أنهم لا يعترفون بالتحرك الأمريكي. كما عارض ذلك جميع أعضاء المجلس تقريباً ولم يتم الاعتراف رسمياً بإعادة فرض العقوبات.

ويمتلك جميع المشاركين الآخرين القدرة على تفعيل عملية إعادة فرض العقوبات لكن لا يرغب في ذلك في الواقع إلا ألمانيا وفرنسا وبريطانيا فقط.
وحين ينتهي أمد قرار الأمم المتحدة لعام 2015 في 18 أكتوبر/تشرين الأول، تنتهي فرصة تفعيل عملية إعادة فرض العقوبات. وأبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن أنها مستعدة لمتابعة إعادة فرض العقوبات.
ويتعين على المشاركين في الاتفاق العمل أولاً من خلال آلية تسوية النزاعات الواردة فيه التي أطلقتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا في يناير/كانون الثاني 2020. وتعترض روسيا على ذلك.
وستأخذ بريطانيا وفرنسا وألمانيا في الحسبان على الأرجح أن روسيا ستصبح رئيس المجلس في سبتمبر/أيلول، عند وضع استراتيجية تحرك لإعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن.
وإذا حدث إعادة فرض للعقوبات، فستعود كل التدابير التي فرضها مجلس الأمن على إيران في ستة قرارات من 2006 إلى 2010.
ومن هذه التدابير:
- حظر على الأسلحة.
- حظر على تخصيب وإعادة معالجة اليورانيوم.
- حظر على عمليات الإطلاق والأنشطة الأخرى المتعلقة بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية، وأيضاً حظر على نقل تكنولوجيا الصواريخ الباليستية والمساعدة التقنية.
- تجميد عالمي مستهدف للأصول وحظر السفر على أفراد وكيانات من إيران.
- السماح للبلدان بتفتيش شحنات شركة إيران آير للشحن الجوي وخطوط الشحن التابعة لجمهورية إيران الإسلامية بحثاً عن بضائع محظورة.
ماذا نعرف عن اتفاق إيران النووي 2015 وانسحاب ترامب منه؟
- توصلت إيران ومجموعة المفاوضات المكونة من ست دول إلى اتفاقية تاريخية عُرفت باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في يوليو/تموز 2015، وهي الاتفاقية التي أنهت 12 عاماً من الجمود والأزمات الناتجة عن برنامج طهران النووي.
- وُقع الاتفاق في فيينا بعد حوالي عامين من المحادثات المكثفة، وحجَّمت الاتفاقية من البرنامج النووي الإيراني بما يضمن لبقية العالم عدم قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية، في مقابل رفع العقوبات عنها.
- بموجب الاتفاق، قبلت إيران القيود المفروضة على برنامجها النووي، مقابل خروجها من قيد العقوبات التي أحاطت باقتصادها لعقد سبق الاتفاقية.
- وبموجب الاتفاقية، أوقفت إيران ثلثي أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها، وشحنت 98% من اليورانيوم المخصب، إضافة إلى ملء مفاعل إنتاج البلوتونيوم بالخرسانة.
- كما قبلت طهران بالرقابة الصارمة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
- وضمت المحادثات النووية مع إيران الست قوى العظمى، وهي المجموعة المعروفة بـ5+1، والتي تضم الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن: الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا.
- كما انضوى الاتفاق تحت مظلة أحد قرارات مجلس الأمن الذي دمجه في القانون الدولي. ووافق أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر آنذاك على الاتفاق بالإجماع.
- وعندما تولى ترامب منصبه في عام 2018، أزال الولايات المتحدة، قائلاً إنه "اتفاق سيء" لأنه غير دائم ولم يتناول برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، من بين أمور أخرى. وأعاد ترامب فرض العقوبات الأمريكية في إطار حملة "الضغط الأقصى" لإجبار إيران على التفاوض على اتفاق جديد وموسع.
0 تعليق